أقول..أخي الإنسان أطرق أبواب الإحسان.. دع الخصام في موضع الخذلان وأصبغ على قلبك حِبر الإيمان..لا تتبع الهمس البغيض وتهجر الخلان، القُبح لا يعطي القبول في موضع الحبان.. المرءُ في عليائه أن رغب النفور تباعدت منه النفوس، وترجل من (حقه) فصل التواصل والوصول.. وتاهت منافذ قلبه مابين مطرقة الأسى وسندانة الوجه الخجول.. وتراجعت عن خُلقه قيم المحبة.. وقال الرهط فيه بئس الرجال إن غابوا عابوا وحينها خابوا على نهج الوصول.. وتنافروا مابين معرفة الحقائق.. وتناحروا طمعاً على حب الحياة.. فغداً يكون الهم شرطاً لا يؤول.. لا ترهنوا نهر الوفاء مع البلاء.. فالداء ينخر مفصلي.. فقد يبقى على الجسد كثيراً وقد يطول.. فتطل سوءات الندم.. والدمع ينزل آسفاً والقلب مرقده الشقاء فهل يعود مجدداً ليزرع العرفان، ويصحو من نحول وثقول.. ماجاء في الوصف هذا.. قد جاء في محكم الآيات.. ومن سيد الخلق حبيبنا.. صدق الرسول. أقول.. تمضي الأيام وفي خواطر الإنسان محطات ومرجعيات وبقية من ذكريات، وأي الذكريات تبقى في مشارف ومنافذ الوجدان.. ودلائل الإحساس وذاك التنادي هل بمعصيةٍ أرهقت الضمير، وجعلت الآهات تنأى بالندم، وهل القلب أفاق واستفاق وتراجع وانحسر، هل العيون ادمعت بصدق أم رياء؟ إنها ثوابت تلاحق صاحبها أينما حل وأينما كان خاصة (مُوجعات الظُلم) هي حالة استثنائية معلقة في عنق صاحبها عند الصباح الباكر، وفي وسط النهار وعند المساء وسادة أخرى! تلازمه يعيد تفاصيلها وبكل وقائعها، فتبدو له الحياة مظلمة وشائكة ويحاول أن يتناسى وينسى.. ولكن الحقيقة هي جالسة تماماً في دواخله وفي معاملاته اليومية، ويكون أمامها ضعيفاً خنوعاً وإن أظهر غير ذلك، لأنها بائنة ولكنها تتوارى في زحمة التغلب، ولكن سرعان ما تعود ومن داخل أروقة الضمير لتحدث حِراكها العدلي، مما يفقده عنصر التذوق لصدق الحياة، فيدور البؤس والشقاء وعِظم العناء.. ولكنه يظل في صراع غير مبرر لعقله الخارجي فيمشي بين الناس وكأنه الرجل العادل والمخلص صاحب الابتسامة العريضة، ولكنها في الأصل زائفة وفصل من مسرحية مشروخة، تنتهي في لحظة الانهيار التام مثل هؤلاء الادعياء وقع عليهم القدر وعدهُ فتمادوا فأصبحت حياتهم لا يحتملها غيرهم.. لأن احتمالهم أغرق إيمانهم في بحر الانكار..!! .أقول.. تمضي الحياة ويبقى (العبد العابد) أمام خالقه، مابين فوز أو خذلان.. من حصد خيرها وجد.. ومن غاب عاب.. ومن تأمل وعاد وجد أبواب السماء تنادي إليه غفراناً ورحمة.. العذاب.. العذاب.. أمرٌ جلل يلامس الاتقياء دائماً.. فاتركوا الخداع في دنياكم، وضعوا إشارات الإيمان اخلصوا تجدوا زاد الدنيا رهيناً لكم.. أخلصوا مع أنفسكم ومع الآخرين تجاوزوا الصغائر.. واستروا الرقايق.. وسهلوا الطرائق.. وحاربوا العوائق وأطعموا المريوق.. وأكثروا المعالق.. تتسابق عليكم خيرات الدنيا لتزفكم الي ملذات الجنة. قال لي أحد الزاهدين الصادقين.. ابني هاشم (الأجر تلاقيط) قالها لي منذ زمان بعيد.. ولكنها تلازمني دائماً لأنها ذات أبعاد ومقاصد يتوقف عندها الإنسان كثيراً، فهي انتفاع وتشريف تدق على وتر الإحساس الصادق.. وأنا هنا ليس بعالم أو متفقه أو مُشرع أو خطيب، ولكن هي استنتاجات تعلمتها من نبل الأخلاق الحميدة والفاضلة. أقول من هذا النبع تناولت قبل فترة وجيزة مع قوم بسطاء اتقياء أرى في عيونهم العفاف والتحسب.. وفي حديثهم منفعة يلتمسها الإنسان، مبادئهم قامت على التسامح والتوكل وروح الإيمان المطلق تخرج من أفواههم وألسنتهم كلمات ندية سرعان ماتسري سريان الدم في العروق، تناولت معهم الصفائيات والأخلاق الحميدة عبر الحقب والأزمان، فأفاضوا فيها وأدركوا أهميتها إذا صاغها المرء بإمعان وتمهل لا شك لها منفعة.. أما إذا اخترقتها منقصة من سويئات الزمن المعاش أضحت عُرضة للانهيار التام، لأنها دخلت للموازنات فيصاب صاحبها بالمتغيرات في حياته ليصيبه مايسمى (بالتحولات الذاتية)، التي تعدل من أمزجة الخطاب الحسي لمنفذ الإيمان فيكون الشك هو سمة التباعد ليفقد من بعدها خصوصية التحسب للأخلاق الحميدة، وعندها تنتهي جملة (الأجر تلاقيط).. .أقول عندما أتناول محاسن الرجال، أحس بأنني التمست شيئاً من سماحت الإشراق في زمانٍ اعتصر فضائل الأخلاق وأصبح تواجده متباعداً وغير متوفر، ولا أدري أين تاهت تلك القلوب المخلصة؟ فإن وجدتها ابدأ اتعمق سيرتها واتقرب اليها، وعذراً إن رأيت أن أسطر في حقهم وأشير إليهم ليقرأ من هم هائمون عكس التيار ويدعون من غير حق ظاهر.. ويطلون في المجتمع وكأنهم بدرٌ أو هلال، وهم في الأصل لا حسنٌ ولا صدقٌ ولا وفاء... عذراً إن صببت تقديري لهؤلاء الإحباء في مسارات الحياة الزائلة.. فهم جديرون بها وأقولهم.. السر محمود .. مُحي الدين ابوسبعة.. سعد الدين ابوسبعة.. كامل الرشيد عبدالوهاب.. وبدر الدين رضوان فهم رجال يمشون على دروب الوفاء ويخافون الظلم على أنفسهم وعلى الآخرين، ويخضعون أنفسهم على المبادئ السمحة، ويسعون لعمل الخير، وتبدو حياتهم مزينة بالحب، لأن حياتهم بسيطة وغير معقدة، ولم التمس منهم غير الصفاء والعرفان في زمانٍ تغلب عليه الإنكار والتملص من المبادئ والوعود الفاضلة، ومثلهم كثيرون ساعود إليهم... ما أسوأ قهر الرجال بحسابات الإزلال أنها حالة التمسها في كثير من المناسبات ويتألم منها البسطاء، فهل مثل هؤلاء تقع عليهم مرهقات الضمير ليلٌ وصباح؟إنني اعتز جداً أن أعطي الرجال الصادقين حقهم، لا انتظر حمداً ولا ثناء فقط درساً لمن غاب وعاب علني أبقى في مظلة (الأجر تلاقيط) دمتم,,