على بعد ثلاث ساعات من(القلابات)، وفي طريق يخترق الجبال، ويحيط بها إحاطة العُقد بجيد الحسان، وصلنا الى مدينة (قوندر) أقرب المدن الاثيوبية للحدود السودانية، حيث قومية (الامهرا) مدينة ترتفع عالياً فوق سطح البحر، تحيط بها مجموعة من الجبال تمر مر السحاب كانت اقامتنا (بفندق Jan tekel)فى أحد ضواحى مدينة (قوندر) الهادئة ذات الطقس المميز، انطلق وفدنا لزيارة قصر الامبراطور فاسيلوس الرجل الذي أسس قوندر كعاصمة لأثيوبيا في القرن السابع عشر الميلادي في1632م ناقلاً العاصمة اليها بعد وفاة والده الامبرطور، وأسسها لتفشي الملاريا التي أودت بحياة الكثيرين في العاصمة القديمة، وأيضاً لارتفاع مدينة (قوندر) مما يجعل الدفاع عنها سهلاً، إضافة الى موقعها الاستراتيجي الذي يجعلها ممر للتجارة بين مختلف الاقاليم الاثيوبية، والدول الخارجية مثل السودان، وبعد أخذنا جولة في قصر الامبراطور شددنا الرحال الى المسبح الامبراطوري، واصطبلات الخيل الملكية المقامة في مساحة مختلفة عن القصر، في المساء عقدنا لقاءً شعبياً مع مسئولي السياحة في (ولاية الامهرا) الذي أفاض في الترحاب بنا واكرام وفادتنا، حدثنا عن اطلاقهم مبادرة تشجيع السياحة عبر وكالات السفر السودانية، بتخفيضات في أسعار الإقامة في الفنادق، وتوفير مُرشدي السياحة لتبصيرهم بمعالم الاقليم المختلفة، وزادنا من الشعر بيت، وهو يخبرنا عن تشجيع الاستثمار بأن الحكومة تقدم ما يوازى 50٪ من قيمة أي مشروع يأتي به مستثمر أجنبي، وعن تسهيل الإجراءات عبر نافذة واحدة لجميع الخدمات. فى يومنا التالي انطلقنا مبكراً الى ثالث أعلى قمة جبلية في اثيوبيا مرتفعات (ليما ليمو) والتي ترتفع عن سطح البحر حوالي 3000متر، ووجدنا الجبال الشواهق تمر مر السحاب، حيث منتجع (سمين ماونتن ناشونال بارك) تناولنا في ضيافة حرس الغابة الموجودة على قمة الجبل القهوة الحبشية والفشار، وتم تقطيع قطعة خبز كبيرة ضمن طقوس الاثيوبيين في الاحتفال بضيوفهم طبيعةً وليس تكلفاً، حدثنا الحارس العجوز الذي يبلغ 92 عاماً، حدثنا عن أن المكان كان بمثابة استراحة للأمبرطور الاثيوبي هيلاسلاسي، وأفاض من مخزون ذكرياته عن حربهم للمستعمر الايطالي وعن دخول الجنود السودانيين مع الجيش الانجليزي في الحرب العالمية الثانية ،وعن امتنانهم لهذا الدور وقتها، تركنا الحارس العجوز، ونحن على هذا الارتفاع بُشر أحدُنا بحفيدة انثى فانطلقت اسارير وجهه مستبشراً فرحاً، وفرح معه الجميع ألا وهو القطب الهلالي الكبير عماد الدين حسين، قفل الركب عائدين الى الفندق، فمررنا على منتجع البامبو أو هكذا اسميته، لأن مبانيه مصنوعة من خشب البامبو الجميل، هذا المنتجع يطل على وادٍ كبير تتخلله الجبال المغطاة بالسحب البيضاء اعلاها، كما يلف السوداني عمامته ناصعة البياض، وجدنا راعي خراف طلبنا منه أن نشتري خروفاً كرامةً لحفيدة صديقنا الجديدة ، فامتنع عن البيع، لأنه ليس مفوضاً بذلك فتذكرت قصة الراعي السوداني في المملكة الذي أتى بتصرف مماثل، وأيقنت أن الأمانة ليست ماركة مسجلة لنا دون العالمين، انقضت إقامتنا (بقندر) ولم تنقضي دهشتنا بالود الاثيوبي والتاريخ المدهش وجمال المدينة الجبلية...