الجامعات الآن عالم غير جميل.. سمعنا الكثير وما تخيلنا أن يكون حقيقة.. سمعنا عن تعاطي المخدرات.. وعن الزواج العرفي.. وغيرها ولم نصدقه.. ولكننا الآن لا نسمع فقط، ولكننا نعيش واقعاَ جديداً مؤلماً غاية الألم.. واقع جرائم القتل التي عشعش شيطانها في بعض جامعاتنا ونخاف أن يفرخ فيها. إن هذه الجرائم ما كان لها مكان في الحرم الجامعي ولا في ثقافة طلب العلم.. وما كانت الجامعات تعرف ما تعرفه الآن من كراهية سياسية وصلت حد قتل الطالب زميله أو زميلته أو يصيبه أويصيبها بأذىً.. حكايات عجيبة تشيب لها الرؤوس باتت تحدث في جامعاتنا.. جامعاتنا التي كانت مضرب مثل في السمعة الطيبة والتفوق الأكاديمي وقبلة طلاب العلم من فجاج الأرض من الباحثين عن المعرفة والتميز والأمان الأكاديمي. ماذا اعترى جامعاتنا ومن المسؤول عن تفشي ظاهرة العنف حد القتل.. لماذا أصبحت الجامعات تئد أحلام الآباء والأمهات من الكادحين والكادحات، الذين سهروا الليالي واعتصروا البطون ودفعوا(دم القلب)ثمناً لليوم الذي يدخل فيه الابن أو الابنة الجامعة.. مَن حول الجامعات الى بعبع يخيف أولياء الأمور والمجتمع ككل.. ولماذا تفسد علينا السياسة بهجة الجامعة.. أما كفاها إفسادها لحياتنا. إن ما حدث الأيام الفائتة من حوادث قتل وعنف لهو رسالة تنبئ بمستقبل مخيف، وعنوان عريض لثقافة جديدة يخفي الكثير بين حروفه.. فالجامعات باتت مخيفة.. وأركان النقاش فيها أصبحت أركاناً للعنف والموت الزؤوم.. وهو ما يتطلب من الجهات كافة أن تتدارك الأمر، ويتطلب حرصاً أكبر من إدارات تلك الجامعات والأمن فيها، الذي يجب أن يعود للتشدد في التفتيش مثلما كان في السابق، حتي لا تدخل الأسلحة البيضاء وتحل مكان القلم.. وغير البيضاء التي حلت مكان الكتاب.. فلا يعقل أن يتحول الحرم الجامعي إلي ساحة عراك وقتل ويتحول الطالب من حلم أسري مرتجى إلى قاتل أو مقتول.. فمن أجل ماذا يقتل الطالب زميله أو يصيبه بأذي؟.. ومن أجل ماذا يدفع الطالب حياته ثمناً..أي سياسة هذه؟! المسألة خطيرة وإذا لم نتداركها فسيتحول التعليم الجامعي إلي تأليم.. وسيموت الآباء والأمهات كمداً وحسرة على ضياع حلم السنين والمستقبل الذي دفعوا لأجله من صحتهم، وضحوا بالكثير وربما يكون على حساب أشقاء صغار.. على الطلاب والطالبات أن يتذكروا كيف شقى الآباء وكيف سهرت الأمهات من أجل اليوم الذي سيدخلون فيه الجامعة.. وأن يستشعروا فرحتهم ويعيدوا صدى زغرودات الفرح بقدوم هذا اليوم. إنها ظاهرة خطيرة وتتطلب دراسة ونقاشاً عاجلين.. وتتطلب أن تتدخل الأحزاب السياسية لتوعية منسوبيها من الطلاب قبل أن تضيع الجامعات ومن قبلها الطلاب ومن قبلهما مستقبل البلاد.