جاء اليوم الذي انتظره الوالدان كثيراً دخل «أ» للمدرسة وكان يوماً مشهوداً.. تفوق في دراسته.. كان حسن السير والسلوك متعاوناً مع زملائه ودوداً معهم، ثم تمرحل حتى توج حياته التعليمية بدخوله لجامعة مرموقة.. استقطبته الأحزاب داخل الحرم الجامعي، ولأنه كان يملك مواهب فريدة وكان ماهراً في الإقناع، اعتلى منابر المناشط فأصبح «ركَّاني» من الطراز الأول.. حام حوله أعداؤه لاستقطابه.. أصبح منبره محضوراً، فطريقة عرضه للقضايا فيها تميز.. وزادها قوة طرحه القوي.. حتى جاء اليوم المشؤوم واختطفته يد المنون على أيدي أحد زملائه في الأحزاب الأخرى، وقضت على حلم أهله وذويه بأن يأتي يومٌ يتخرج فيه ابنهم من الجامعة، وينخرط في دولاب العمل لرفع مستواهم المعيشي الذي صبروا عليه كثيراً، في انتظار ابنهم المميز في كل شيء ليرفعه.. إلاّ أن العنف الطلابي الذي حذرنا منه كان أقرب إليه من أحلام أسرته، فطوى حلمهم وعادوا أدراجهم حزينين. المهم سادتي هذه القصة يمكن أن تحدث لأي طالب يدخل الجامعة ويمارس السياسة العرجاء، التي لا تخلف سوى الحزن والندم على ما فات وفقد الأبناء لأسباب موضوعية أو غير موضوعية.. فممارسة السياسة في الجامعات أمر محبذ ومطلوب لكنه بصورته الحالية مرفوض حتى ممن يمارسونه.. فالطلاب هم قادة المستقبل، فإذا ضاق صدرهم في حل القضايا منذ الآن ولم يعرفوا طريقاً غير العنف لحلها، فماذا ينتظر منهم الوطن في مقبل الأيام.. فمن تربى على العنف داخل الجامعات لا يمكنه ممارسة غيره خارجها.. بالمناسبة نحن من هنا نشكر مبادرة الاتحاد العام لطلاب ولاية الخرطوم، الذي عقد مؤتمراً حول قضايا العنف الطلابي ودعا له كل المهتمين بالأمر، خصوصاً الأكاديميين المختصين في هذا الأمر.. ونتمنى من كل الطلاب والأحزاب التوافق على صيغة معينة تمنعهم من مواصلة السير في طريق العنف، الذي يضر بالبلاد والعباد ويقضي على أحلام الأسر في الحاضر وعلى أحلام البلاد في المستقبل.