على الرغم من الجهود الحكومية المتواصلة لمحاربة مشكلة الفقر -التي تعاني منها البلاد عبر برامج التنمية التي ما يزال بعضها في طور التشكل ما زالت ظاهرة الفقر تتزايد حتى باتت المشكلة تؤرق المجتمع السوداني بأسره، وفي وقت يتحدث فيه المسؤولون عن نجاح بعض الخطط التي نفذت للسيطره على زيادة رقعة الفقراء بالبلاد الا أن النتائج حسب الخبراء والمراقبين غير مطمئنة حيث تزايد معدلات الفقر ووفقا لمسح أوردته الإستراتيجية المرحلية للحد من الفقر أعدها مختصون حكوميون، فإن نسبة 46.5% من مواطني السودان يعيشون تحت خط الفقر بما يعادل نحو 14.4 مليون مواطن، يقول خبراء اقتصاديون إن الفقر ظاهرة متعددة الأبعاد كما يمثل مشكلة تنموية واجتماعية، جعلت الكثير من السكان يعانون الحاجة والعوز في وقت يعاني معظم المواطنين من نقص موارد المياه والتعليم، بل المأكل والمشرب والعلاج الا أن نواب البرلمان أكدوا أمس أن الفقر لن ينخفض ما لم يكن المسؤولين قدوة في العدل وعدم الاعتداء على أموال الآخرين، وأرجع النواب أثناء تداولهم حول «وثيقة تخفيف حدة الفقر» التي قدمها وزير المالية للبرلمان أمس الاول تفشي الفقر إلى عدم العدالة في توزيع الثروة على الولايات، مشيرين إلى أن بعضها تحظى بعدة مشاريع تنموية بينما تغيب عن أخرى كليا، مطالبين بإعادة التوزيع العادل للثروة والمشاريع التنموية على مناطق السودان، وشكك النواب في وثيقة المالية التي حددت نسبة الفقر بالبلاد )%(46,5 ومن جهته شدد الخبير الاقتصادي د. ميرغني بن عوف على ضرورة مساهمة المصارف في سياسات الحكومة لمحاربة الفقر من خلال الحزم التمويلية، وقال في حديثه ل(الاحداث) امس إن شريحة الفقراء بالسودان تفتقر لثقافة التعامل مع القطاع المالي مما يوسع الهوة بينها وبين المصارف، وزاد ولبناء هذه الثقافة نحتاج إلى صبر من كافة المؤسسات المالية ومؤسسات ضمان الودائع وأكد أن التمويل وحده لا يسهم في مكافحة الفقر «إذ لا بد من عمل موازي باتجاه الادخار وتمكين الفقراء من التمتع بالخدمات المالية المصرفية الحديثة مثل الصيرفة النقالة، وزاد حسب خط الفقر وجد أن متوسط الإنفاق 146 جنيهاً للفرد في الشهر، وافترض أن خط الفقر للأسر التي يقل انفاقها عن 60% من متوسط الانفاق العام تساوي (114) وحدد خط الفقر بذات النسبه والذين ذلك يمثلون 46.5% من جملة السودانيين في أعوام سابقة، وأوضح أن ترتيب الولايات من حيث نسبة الفقر يختلف من ولاية لأخرى، لاختلاف ثقافة الغذاء والسعرات الحرارية، وقال إن عائدات النفط لم توجه لتنمية القطاع الزراعي الذي يشغل فيه نحو 47% من الأيدي العاملة السودانية، مما أدى إلى بعض التشوهات التي تعذر معها دخول الفقراء للسوق. من جهته قال الخبير الاقتصادي د. محمد الناير ل (الأحداث) امس إن الاستيراتيجية التي اعدت كوثيقة لمحاربة الفقر تعد أحد المطلوبات للوفاء بمتطلبات ديون السودان، وقطع بصعوبة تنفيذ تلك الوثيقة وارجع ذلك للتعامل مع السودان من منظور سياسي، وزاد لابد من حلول اخرى تتمثل في استقرار أسعار السلع والخدمات، اضافة إلى اعادة تقويم سياسة التحرير الاقتصادي وخلق توازن بين الاجور ومستوى المعيشة لمحدودي الدخل، وطالب بتفعيل دور صناديق الضمان الاجتماعي للقيام بدورها تجاه الشرائح الضعيفة وفقا للوثيقه والتي اعتبره اعدت قبل عام حيث لايوجد جديد كما يرى الناير، موضحا أن آخر دراسة تمت إجازتها من مجلس الوزراء في ديسمبر 2009، وقال رغم محدودية البيانات والاحصاءات المتاحة نجد أن المسوحات القومية المتاحة تشير إلى ازدياد حالات الجوع المستوطن، وعزا أسباب الفقر في الريف السوداني إلى استراتيجيات التنمية المستدامة المنحازة للحضر والمركز، وقطع بأن هذه الاستراتيجيات عمدت على إهمال تنمية القطاع الزراعي التقليدي والذي يعتمد عليه حوالي 67% من السكان في سبيل كسب عيشهم بل هو المصدر الرئيسي للحياة في الريف. لكن مدير وحدة تخفيف الفقر بوزارة الرعاية والضمان الاجتماعي جمال النيل قال في حديث سابق إن نسبة الفقر المدقع حيث لا تتوفر سبل الحياة الكريمة لا تتعدى نسبة الفقر النسبي حدود 40% وأكد عدم نيل الخدمات العامة من تعليم وصحة حيث لم تجد تلك الشرائح نصيبها في الرعاية المالية والدعم التنموي، وقال إن هناك جهود مبذولة لمكافحة الفقر، مشيرا لإجراء دراسة جديدة في هذا الجانب رفعت لمجلس الوزراء، وأكد استصحاب الدراسة لكافة الجهود الوطنية لمكافحة الفقر.