اشتهر حي الدباغة بأم درمان منذ عهد المهدية بدباغة الجلود ومنها أخذ اسمه قبل دخول المدابغ الحديثة التي عرفها أهل السودان مع دخول جيوش الاستعمار الإنجليزي في عام 1898م «الأهرام اليوم» دخلت الحي العتيق الذي أصبح أكثر مدنية وتوقّف عن دباغة الجلود، ولكن البعض مازال يزاول المهنة بأحد الموانئ. ومنهم عثمان عبد الله محمد حامد الذي يعمل بدباغة الجلود لخمسين عاماً، فقد عمل بالمدبغة البلدية والتي كانت بالموردة وهي أقدم مدبغة، ومن ثمّ انتقلت إلى حي الدباغة بأم درمان الذي يقع على الضفة الغربية للنيل وبعد أن أُزيلت في بدايات عهد الإنقاذ انتقل للعمل بالساقية 17 وهي عبارة عن أرض زراعية استغلها لمزاولة حرفته «دباغة الجلود» ويتعامل مع التجار الذين يحضرون له جلود الأبقار، التماسيح الضأن، والأصلة. وقال ل«الأهرام اليوم إن أشهر الدبّاغين في ذلك الزمان هم الصاوي عبد الله، رمزي بكار وهو شيخ الدباغين آنذاك، أحمد الحوت، حامد جابر وأخيه علي، وعبد الوهاب دوكة، وخالد إسماعيل، وأولاد كردوش وغيرهم. وأبان عثمان بأنهم يقومون بنظافة الجلود داخل ثلاثة أحواض «ماء - جير- وقرض» ويقول إن جلد التمساح مثلاً ينظّف من القشور ويمسح بالقرض مرتين ويستهلك ثلاثة جوالات منه، أما الثعبان فيأتي إلينا من نيجيريا وتصنع من جلده المراكيب والشنط والأحذية الستاتية. وعن تكلفة الدباغة أوضح أن الضأن والماعز يتم دبغ جلودهما بجنيهين للجلد، أما التمساح فيكلّف خمسة جنيهات، والأصلة بجنيهين. وقال المواطنون إن حي الدباغة يشتهر بوجود أقدم مصبغة فيه لصاحبها الخواجة «قطان» والتي باعها للصاوي عبد الله يوسف فقد كانت تستعمل لتلوين ملابس «النيلة» وهي نوع من القماش يقومون بتلوينه بألوان مختلفة، وأشاروا إلى أنه كان يوجد بحي الدباغة المصنع الحربي الذي تصنع فيه الأحذية «للعساكر» لصاحبه أحمد خليفة والذي اشتراه منه عثمان صالح والآن به ورش حدادة ودكاكين. وبحي الدباغة الطابية التي احتمى بها مقاتلو المهدية من نيران الإنجليز قبيل معركة كرري الفاصلة وبها فتحات للمدافع لضرب بواخر العدو التي دخلت عبر النيل. وأوضحوا أن منطقة بحري في فترة الخمسينيات كانت كلها عبارة عن سواقي تحرث بالثيران وتمتد مشاريعها من العجيجة شمالاً وحتى منطقة أبي روف جنوباً والتي أصبح يمر بها شارع النيل بأم ردمان. ثم من الموردة حتى كبري الحتانة الجديد.