خلافات حادة وصلت إلى حد الملاسنات عبر الخطابات داخل القطاع الخاص لأصحاب البصات السفرية، بسبب نظام المداورة أو النقل الجماعي الذي يدار عبر المسؤولين في غرفة النقل، وهو نظام للتشغيل جُرّب أكثر من مرة من قبل لكنه دائماً ما يصطدم بأصحاب البصات الذين يعتقدون أن "المداولة" غير عادلة لأنها تساوي الموديل الجديد بالقديم ولا تعطي أصحاب الشركات الحصة الكاملة في تدوير جميع بصاتهم.. بينما تعتبر غرفة النقل أن استخدام البصات خارج مظلة الميناء البري مهزلة وإزعاج من قبل الوسطاء "الركيبين"، فيما يرى بعض أصحاب الشركات أن نظام المداورة فيه منفعة لكافة الأطراف، بمن فيهم الركيب الذي يعتبر عمله مهنة ومصدر رزق، بل إن بعض "الركيبين" مزقوا بيان غرفة النقل المتعلق بنظام التشغيل واعتدوا بالضرب على مندوب الغرفة وحطموا "الموتر" الذي كان عليه، مما دعا إلى تدخل الشرطة بالسوق الشعبي أمدرمان. (الأهرام اليوم) حاولت تقصي القضية وكشف ملابساتها من الأطراف ذات الصلة. مصلحة خاصة: داخل السوق الشعبي بأم درمان التقت (الأهرام اليوم) بصاحب شركة للنقل هو آدم شيخ الدين آدم، حيث قال إنه يرفض نظام المداورة بشدة، لأن هنالك توجيهاً من غرفة النقل حدد لنا (38) رحلة في الشهر ولكننا نقوم ب(120) رحلة في الشهر إلى النهود والأبيض والدلنج وكادقلي وكوستي، وفي اليوم الواحد فإن هنالك نحو 60 - 80 رحلة، وقال آدم إن من المؤسف أن الغرفة لم تخطرنا ولم تجتمع بنا كأصحاب حق بل تعاملنا معاملة عمال، ورأى صاحب الشركة أن الغرض من نظام المداولة لمصلحة شخصية لأعضاء غرفة النقل، موضحاً أنه يمتلك 20 بصاً، البص الواحد يعادل 600 مليون، ولا أقبل أن أُدار مع بص سعره 100 مليون جنيه. المداولة هدفها واضح: يقول صاحب مكتب إحدى الشركات "حمد حمد" إن المداولة تسببت في خروج بصات من السوق وتعطلت العديد من البصات أثناء السفريات، معتبراً أن إعادة نظام "المداورة" هذه المرة الهدف منه فرض الواقع على أصحاب الشركات، وروى: "عندما أرسلوا مندوبهم ببيان نظام المداورة ووقف بموتر أمام مكتب الترحيلات وأتى الركيب وسأله قائلاً: مسافر تريد تذكرة، فرد بسخرية قائلاً: أنا أتيت أن أوقفكم وأقطع عيشكم، فقام الركيبون بتمزيق البيان وضرب المندوب وتكسير الموتر وفتح بلاغ في قسم السوق الشعبي". الغرفة ضد نهج الدولة: ويواصل محدثنا "محمد أحمد" متهماً غرفة النقل بجني المليارات من نظام التشغيل "المداورة"، ويقول إن الغرفة رفضت سفلتة المساحة التي تفصل الطريق العام ومكاتب الترحيل ولا توجد أية خدمة تقدمها الغرفة لأصحاب شركات البصات، وأضاف: "الغرفة شغالة ضد نهج الدولة في تقديم الخدمات للمستثمرين" معتبراً أن نهج الدولة مبني على المنافسة الحرة وضد الاحتكار والمداولة، وأن قانون الدولة الذي أجيز في 2010 من مجلس الوزراء أكد على أن تكون المنافسة شريفة، وأن لا تتدخل الدولة في الاستثمار الخاص وفقاً لسياسة التحرير، ورأى أن السلطات بعيدة عن هذه القضية لذلك فإن الغرفة تتصرف كما تشاء. اتهامات: اتهم صاحب شركة آخر هو "محمد الهادي" رئيس غرفة النقل بأنه غير مهتم بتضرر أصحاب الشركات من نظام المداورة، وقال إن رئيس الغرفة ليس لديه بصات و"اليدو في الموية الباردة مازي اليدو في النار". وأعرب عن أسفه لما يحصل ل"الركيبين"، وقال إنهم أكثر المظلومين من قرار المداورة وإنهم جزء مهم من عملية النقل في البلاد. مداخلة ركيب: وفي تجمع كبير ونقاشات حادة عن المداولة بالسوق الشعبي أم درمان مع أصحاب البصات السفرية، دلف إلى الداخل ركيب فسأل عن أسباب التجمع، فردوا عليه إنها الصحافة فقال: أنا الركيب جمعة سعيد، ركيب من عشر سنوات من زمن نيسانات مكة إلى الآن، والحمد لله لدي 16 طفلاً وتسعة ممتحنين هذا العام، ورزق اليوم باليوم، وأرفض نظام المداولة لأن "الركيب" عملي الوحيد ولا أجيد غيره. وروى أنه عندما تم إقرار المداورة في مرة سابقة تعرض زميلان له إلى مشكلات اجتماعية كبيرة نتيجة توقف دخلهما، وأن الرجلين اللذين كانا يعملان في هذه المهنة طلقا زوجتيهما بسبب توقف إيرادهما اليومي من مهنة "الركيب". انتقادات لأعضاء الغرفة: زين العابدين محمد أحمد وكيل شركة للنقل بالميناء البري في الخرطوم، رأى أن غرفة النقل محتكرة لأشخاص محددين يفرضون بصات معينة في عملية "المداورة"، بأن تتحرك في السفرية الواحدة في اليوم البصات الجديدة والقديمة، وقال إن الموافقة على المداورة جاءت عن طريق الأغلبية في حين أن القضية لا تحتاج إلى انتخابات أو تصويت وإنما تقدير لمصالح الجميع. فوائد النظام: «الأهرام اليوم» حملت جميع هذه الاتهامات وتوجهت صوب رئيس مجلس إدارة غرفة النقل بالميناء البري محمد علي لتقصي الحقائق، ولكنه رفض أن يدلي بإفادة واكتفى ببيان أصدرته الغرفة لأصحاب البصات عن موعد تطبيق نظام المداولة ونزل في الصحف إعلان مدفوع الأجر. قمت بدوري بالاتصال بعضو غرفة النقل صالح عباس، فقال إنه لا يحق لأي شخص أن يتدخل ويلغي نظام المداولة، مشيراً إلى سابقة هذا الشأن عبر المحكمة العليا، وقال إن الوزير السابق كان رافضاً لنظام المداولة ولكن المحكمة حكمت لصالح الغرفة. وذكر أن أي شخص متضرر من المداولة عليه أن يذهب إلى القانون، وأوضح أن عدم تشغيل نظام "المداورة" تسبب في أضرار بالغة في تنظيم العمل والحوادث وإهدار الإسبير، وهنالك شركات محددة رافضة لنظام المداولة، وأن أصحاب (160) بصاً موافقون. وقال عضو الغرفة إنه تم تكوين لجنة داخل الغرفة وكانت الأغلبية لصالح "المداورة"، وخلال خمس سنوات خرج من السوق (300) بص نتيجة عدم النظام، مشيراً إلى أن الرافضين للمداولة هم "الركيبون" فقط، بينما "المداولة" للمصلحة العامة.