أوضاع مأساوية يعيشها القطاع.. (8) مصانع توقفت عن العمل والبقية خارج دائرة الإنتاج الخرطوم - الأمين علي حسن لسنوات عديدة يراوح قطاع الغزل والنسيج مكانه، قابعاً على درج الإهمال دون امتداد أيّما يدٍ حانية لإخراجه من وهدته، ونفق اللامبالاة الذي ضاعت بين جدرانه صوت ماكيناته. التراجع الزّراعي في إنتاج القطن - الذي كانت تعتمد عليه الدولة كثيرا في دعم الإيرادات - يلقي بتبعاته بلا شك على هذا المنشط القطاع، وعلى الرغم من الدّعاوى المتتالية بضرورة إعادة صناعة الغزل والنّسيج إلى سابق عهدها، إلا أنّ كثيراً من هذه الأقوال تخالفها الأفعال وتفضحها المخرجات. واقع الحال البيع والتصفية: في خضم المأساة نقرأ: (8) مصانع للغزل والنسيج بالجزيرة توقّفت تماماً. لا يعمل منها حالياً إلا مصنع واحد فقط..!! توقّفت كذلك مصانع البحر الأحمر الأربعة، ومصانع نيالا وكادوقلي مغلقة اليوم، كما تمّت تصفية مصنع الحصاحيصا، وأغلق مصنع النيل الأزرق. في ثنايا المحنة عرض نسيج ود مدني في الدلالة، وألغيت وظائف جميع العاملين بمصنع سنار وتوقف المصنع عن الإنتاج، كما توقف مصنع الحاج عبد الله، و.. خرجت بقية المصانع من دائرة الإنتاج..!! خطّة لتشغيل المصانع المتوقفة: وكيل وزارة الصناعة بلال يوسف المبارك أكّد ل(الأهرام اليوم) أنّ الوزارة وضعت خطّة لتطوير قطاع الغزل والنسيج خلال هذا العام، حيث بدأ العمل في إعادة تشغيل مصانع القطاع العام المتوقّفة؛ مصنع الغزل في كوستي والدويم، ومصنع نسيج شندي. كما قامت الوزارة - حسبما يمضي بلال بالقول - باستجلاب ماكينات جديدة وبتقانات حديثة لهذه المشاريع، حيث يتوقع الانتهاء منها هذا العام لإنتاج الأقمشة، وبنوعيّة جيّدة، كما شرعت الوزارة في إعداد الدراسات اللازمة لتأهيل مصنع الحاج عبد الله بالجزيرة. من ناحية أخرى تمّت خصخصة مصنع الصداقة للنسيج بالحصاحيصا لصالح مستثمرين وطنيين، حيث بدأت عملية التحديث والصيانة من قبل الملاك الجدد، كما يقول المبارك، الذي توقّع أن يتمّ الفراغ منه خلال الفترة القادمة. مختصون يدلون بدلوهم: الخبير الاقتصادي محمد الناير اعتبر خلال إفادة خصّ بها (الأهرام اليوم) أنّ صناعة الغزل والنسيج كانت تضمّ أعداداً كبيرة من العمّال على اختلاف مستوياتهم التعليمية، ما يساعد في تقليل البطالة، مضيفاً أنّ السودان في السابق كان متفوقاً على عدد من الأقطار نسبة لجودة خام القطن فيه، مضيفاً بالقول: إنّ صناعة النسيج أصابها التدهور في الفترة الأخيرة بسبب السياسات غير المشجعة لزراعة القطن أو غياب المساحة التسويقية الكافية. إهمال زراعة القطن: الناير اعتبر أنّ المزارعين والحكومة شركاء في تدهور قطاع النسيج، كون المزارعين زرعوا المساحات المتاحة بأشياء أخرى وأهملوا القطن، حتّى أنّ طائرات الرش لم تستطع التفريق بين أماكن القطن وغيرها من المحاصيل..!! أمّا الجهات المختصّة فلم تقم بدورها هي الأخرى، من خلال توعية وإرشاد المواطنين بفوائد زراعة القطن مؤكداً أنّ هناك غياباً تاماً لاستراتيجية الدّولة تجاه زراعة القطن، الناير قال إنه على الرغم من الجهود التي بذلتها الدولة لكنّها لا ترتقي لإعادة القطاع إلى سيرته الأولى، مطالباً الدولة بالاهتمام بالنسيج للاستفادة منه في صناعة الملبوسات؛ خاصة للقوات النظامية وطلاب المدارس للتقليل من الاستيراد، كما أكّد على أنّ صناعة الغزل والنسيج تحتاج لإرادة قوية من قبل الدولة، وتحتاج إلى زراعة كميات كبيرة من الأقطان، بجانب إلزام الدولة المستثمر أن لا يُوقف المصنع وأن يستوعب أكبر عدد من العمال، وأن يعمل على مضاعفة الإنتاج لأنّ هناك بعض التجّار يشترون المصانع ويوقفونها..!! وحول السعر العالمي للقطن يرى الناير أنّ الدولة يجب أنّ لا تنظر إلى ارتفاع السّعر العالمي للقطن وتصدره بعد التصنيع وليس خاما. مصنع الصداقة.. ماذا هناك؟ المدير التنفيذى لاتحاد الغُرف الصّناعية ورئيس غرفة الغزل والنسيج، الفاتح عباس القرشي قال ل(الأهرام اليوم) إنّ مصانع الغزل والنسيج كانت (17) مصنعاً أصحبت منها (8) خارج الخدمة و(4) يمكن إعادتها، مضيفا أنّ مصنع الصداقة بالحصاحيصا تم بيعه لمستثمر تركي، وتمّ تغيير اسمه ل(سامي تكس)، وأنّ هناك عددا من المستثمرين الوطنيين تقدّموا بعروض لشراء هذا المصنع، ولكنّ الحكومة رفضت لهم وباعته للأتراك، مشيراً إلى أنّ هناك عدداً من السياسات كانت السبب في تدهور الغزل والنسيج؛ منها سياسة التحرير الاقتصادي، وسياسة تحرير الأقطان، وزيادة التكاليف في زراعة الأقطان. ويرى الفاتح أنّه بسبب تدهور صناعة النسيج تم تشريد (73.000) عامل من إجمالي العمّال - كان عددهم (75.000) – موضحاً أنّ نجاح الغزل والنسيج في استمراريته لأنّ التوقّف يضرّ بالمصانع، منوّها إلى أنّ الدّولة فتحت السوق لاستيراد الملابس الجاهزة حتّى المستعملة، ولم تضع قوانين لمحاربة الاحتكار والإغراق، مشيراً إلى أنّ وزارة الصناعة لا يوجد قانون يسيّر عملها، وتعتمد على قوة شخصية الوزير. عباس أكّد كذلك على أنّ هناك جهودا من قبل القطاع الخاص لإعادة صناعة الغزل والنسيج، ولكنها تحتاج من الدولة لإعادة النظر في الشركات الأجنبية والوطنية وضبط السوق المحلي، مضيفاً أنّ ارتفاع أسعار الدولار أثّر على أداء قطاع الصناعة، نسبة لارتفاع أسعار المواد الخام. سياسات خاطئة: من جهتها أرجعت نقابة عمال النسيج السبب للسياسات الخاطئة، وإلغاء عدد من الوظائف بسبب الخصخصة ممّا أدخل أصحاب المصانع في مديونيات والتزامات بنكية، وحمّلت النقابة وزارة المالية المسؤولية لعدم التزامها بالسداد لأصحاب المصانع، الأمر الذي أدّى إلى دخول عدد من المنتجين السجون وتوقّف العمل بالمصانع كلياً والخروج من دائرة المنافسة في الأسواق المحلية. النقابة ترى أنّ صناعة الغزل والنسيج من الصناعات المهمة لدورها المهم في استقرار مواطني الريف لأنها تعمل على استيعاب نسبة (70%) من النساء