القرآءة الموضوعية لمجريات الأحداث وتطوراتها في (المناطق الثلاث) ومنطقة هجليج النفطية، تفيد أن الحركة الشعبية وحكومة الجنوب والسيد سلفاكير قد أعلنوا التمرُّد على اتفاقية نيفاشا.رغم نصوص اتفاقية نيفاشا الواضحة في أن (المناطق الثلاث) وهي أبيي وجنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان، تتبع للشمال، وبرغم تأكيد تحكيم لاهاي الدولي على (شماليَّة) منطقة هجليج النفطية، إلا أن الحركة الشعبية أشعلت نار الحرب ضد السودان في ثلاث جبهات، هي جبهات (المناطق الثلاث)، ثم فتحت جبهة قتال رابعة في هجليج لوقف تدفق نفط السودان. وكانت الحركة الشعبية من قبل قد أغلقت أنبوب النفط في فعل حربيّ اقتصادي لخنق السودان اقتصادياً. وذلك وسط صمت شركاء الإيقاد (أمريكا وبريطانيا وأوروبا)، وهم الشريك الثالث في توقيع اتفاقية سلام نيفاشا. بدأت الحركة الشعبية حرب جبهة القتال الرابعة في هجليج النفطية ضد السودان، صباح الإثنين 26/ مارس 2012م، عندما توغلت قوات الجيش الشعبي داخل حدود السودان حتى (موقع الكهرباء)، حيث توجد محطة كهرباء فرعية للتحكم في آبار نفط المنطقة. لا خلاف بين السودان وحكومة الجنوب في أن (موقع الكهرباء) يقع داخل السودان. قام الجيش الشعبي باحتلال (موقع الكهرباء) ورفع فوقه علم دولة جنوب السودان. لم يستجب الجيش الشعبي لطلب القوات السودانية بإخلاء الموقع، بل أعلن سلفاكير سيطرة الجيش الشعبي على هجليج. ثمَّ قام الجيش الشعبي في نفس اليوم الإثنين 26/ مارس /2012م في الثانية بعد الظهر بهجوم كبير منظم من داخل الجنوب، حيث توغل داخل الاراضي السودانية مسافة (14.5) كيلومتر حتى (موقع الشهيد الفاضل)، ليشتبك مع قوات الجيش السوداني. حيث صدّ الجيش السوداني الهجوم الذي جاء من ثلاثة محاور بمشاركة متمردين من العدل والمساواة بعد ساعة أو أقل عاود الجيش الشعبي الهجوم، وسط تصريحات مضللة من سلفاكير بأن الجيش السوداني يهاجم أراضي الجنوب. ولم يستطع الجيش الشعبي حتى الرابعة من عصر أمس الثلاثاء 27/ مارس من دخول هجليج. بعد تلك السلسلة من الهجمات ضد منطقة هجليج، تحركت القوات المسلحة السودانية لتستعيد موقع (محطة الكهرباء) وكل الأراضي السودانية التي احتلها الجيش الشعبي أول أمس الاثنين في منطقة هجليج النفطية. ولم يزل الجيش السوداني يطارد فلول الجيش الشعبي المتمرد، مؤكداً عدم نواياه الدخول إلى أراضي جنوب السودان. فتح جبهة حرب رابعة ضد السودان في منطقة هجليج النفطية، عمل تمّ تخطيطه وترتيبه بعناية. فقد صرح سلفاكير يوم 14/ مارس 2012م في لقاء جماهيري في مدينة «واو»، وفي شمال بحر الغزال، بأن هجليج منطقة جنوبية، كما أسمى معها مناطق أخرى في الشمال. وأعلن سلفاكير في اللقاءات الجماهيرية أن حكومة الجنوب لن تتنازل عن هجليج وإخواتها، وأن أبناء الجنوب «استشهدوا» من أجل أرض الجنوب. جاء تصريح سلفاكير العدائي في «واو» عن «جنوبية» هجليج بعد يوم واحد من توقيع اتفاقيتين بين السودان وحكومة الجنوب يوم 13/ مارس 2012م. حيث تناولت الإتفاقيتان ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب وتنظيم حركة مواطني البلدين. عندما أعلن سلفاكير في 14/ مارس 2012م في لقاء جماهيري في «واو» أن هجليج جزء من الجنوب، كان يعلم قبل غيره أن هجليج لم تكن موضع خلاف بين الشمال والجنوب، حيث حسمت (شماليَّتها) اتفاقية السلام في نيفاشا والتحكيم الدولي في لاهاي. في محاولة لإحباط مخطط الجيش الشعبي في احتلال هجليج، أعلن الجيش السوداني يوم الثلاثاء 20/ مارس 2012م أن الجيش الشعبي يعدّ لهجوم كبير لاحتلال هجليج. في يوم الأربعاء 21/ مارس 2012م بدأ هجوم الجيش الشعبي على هجليج لوقف تدفق انتاج النفط السوداني. حيث رابطت قوات الجيش الشعبي داخل أراضي السودان (مسافة كيلومتر داخل الحدود). ثم توقف الهجوم، والحرب خدعة، لتحسين الأجواء لزيارة وفد الحركة الشعبية إلى الخرطوم يومي الخميس والجمعة 22 - 23/ مارس 2012م. بينما كان باقان أموم في الخرطوم في حفل عشاء فاخر يرقص أمام أغنيات الفنان عبد الكريم الكابلي، كانت في نفس اللحظة قوات الجيش الشعبي الغادرة تنفذ هجومها الأول في عمق الأراضي السودانية، وتستعد لهجومها الثاني لاجتياح المنطقة واحتلال هجليج. بعد أن أكمل باقان أموم نوبته في الرقص أمام الكابلي، تمَّ إخطاره بواسطة حكومة السودان، بهجوم الجيش الشعبي في هجليج. حيث استمع باقان ولم يعلِّق!. كان باقان يرقص أمام الكابلي، وهو يعلم بتحديد ساعة الصفر وصدور الأوامر باحتلال هجليج. في ذلك السياق سافر وزير الدفاع السوداني إلى جنوب كردفان، إلى تلودي وهجليج، ليعلن أن أيدي السودان ممدودة الى حكومة الجنوب للعمل من أجل السلام. لكن سلفاكير الذي تمرَّد على اتفاقية نيفاشا وتحكيم لاهاي، لم يتراجع عن تصريحه بأن هجليج جنوبية، وأن الحركة الشعبية لن تتنازل عنها. لقد خسرت الحركة الشعبية معركة احتلال هجليج، خسرت حرب جبهة القتال الرابعة التي أشعلتها. لقد فشل مخطط احتلال هجليج ووقف تدفق النفط السوداني. وكان نتيجة معارك جبهة هجليج، أن هناك أسرى وقتلى من الجيش الشعبي ومن العدل والمساواة. كما أن هناك شهداء من الجيش السوداني سقطوا دفاعاً عن السودان. كتب الشاعر تاج السر الحسن الأغنية الوطنية الخالدة (تحية آسيا وأفريقيا) في مدينة النهود في فصل الخريف عام 1955م. بعد أن قام الكابلي بتلحينها قام بأدائها أمام الرئيس الثائر جمال عبد الناصر عند زيارته الخرطوم عام 1959م، ثم قام بأدائها أمام ثائر مقاتل كبير في الثورة الجزائرية (الرئيس عبد العزيز بوتفليقة) عند زيارته الخرطوم. ثم غنَّى الكابلي للأسف تحية آسيا وأفريقيا أمام باقان أمون أكبر ثوري مزيَّف وأحد كبار عملاء أمريكا في جنوب السودان!. غنَّى الكابلي تحية آسيا وأفريقيا أغنية الثورة والحرية ووحدة الأحرار في العالم النامي، أمام دمية الإستعمار الجديد ودمية الصهاينة باقان أموم، عند زيارته الخرطوم الأسبوع الماضي!. بعد أن أشعلت الحركة الشعبية الحرب في ثلاث جبهات قتال، هي جبهات (المناطق الثلاث)، ثم أردفتها بجبهة رابعة في هجليج لوقف تدفق النفط السوداني، ماهي يا ترى نقطة الغليان التي تعتبر عندها حكومة السودان أن الحركة الشعبية قد تمرَّدت على اتفاقية نيفاشا؟. إتفاقية سلام نيفاشا لم يتم توقيعها ليلتزم بها طرف واحد في وفاء وصدق، بينما يعربد الطرف الآخر كما يشاء متمرِّداً على نصوصها، تنطلق نيران مدافعه في الجبهات الأربع.