تعودت في طوال مهجري بوطن وليم شكسبير ارتياد المسرح كلما كان الوقت متاحاً فالمسرح هو غذاء للروح والعقل. حضرت الدكتورة فالتينا من لندن ولعلمها بشغفي بالمسرح دعتني هي والفنان عبد المنعم النذير لعروض مهرجان البقعة بام درمان في ليلة قمرية على ضفاف النيل. واستمتعت ومن معي بعروض مسرحية «اسمع يا عبد السميع» كاتبها مغربي ونفذها على خشبة المسرح باقتدار وأداء رفيع عاطف حنطيري وأمير أحمد السيد بطلاً تحت إشراف ماهر حسن علي في الإخراج، وجدت نفسي ضيفاً على بيت المسرحيين وهو مقهى عبارة عن خلية نحل تعج بقبيلة المسرحيين. وفي ركن قصي محمد المهدي الفادني لاعباً بخصلات شعره الكثيف وهو يذكرني كثيراً بابنتي دينا وقد تعودت أن توقظني من النوم وهي تقلده برقصة الصقرية «دعاية نايل بور»، وخلف طاولة الممثلة القديرة بلقيس عوض ترشف كوباً من الشاي «بي لبن»، واستوقفني المخرج التلفزيوني زهير عبد الكريم محدداً الدعوة لي بعمل فيلم تسجيل عن تجربتي الحياتية. ودعاني إبراهيم الملقب بكومك الممثل نصر الدين الي كوب شاي. وأصرت «وهج» ابنة المخرج عبد العظيم حمدنا الله والممثلة عوضية مكي على أن تجري معي لقاءً وهمياً لتثبت موهبتها بوصفها مذيعة للجميع. واسترسل بعدها إبراهيم كومك في حكاية طريفة مفادها أنه كان عضواً في نادي الحي لكرة القدم، ولاستبعاده من منصب رئيس النادي والسكرتارية نسبة لثرثرتة وأوكلت له مهمة ملابس فريق كرة القدم، وكان يقوم بغسلها وكيها، وفي ذات المرات وقبل بداية المباراة اكتشف أن الشورت رقم «6» مفقود، وتم فصله من إدارة النادي عقاباً، ومرت الايام وكان جالساً جوار حبوبته المستلقية على السرير، «فخلفت» حبوبته رجلها بغرض الاسترخاء، ولمح إبراهيم الرقم «6» فقد وجدت حبوبته الشورت في حبل الغسيل، وقامت بارتدائه، ودخل عليها شيخ الكوميديا الموهوب محمد نعيم سعد وصمت إبراهيم في حضرته تعجباً. ولمحت من على البعد صورة ضخمة تزين خشبة المسرح للممثل الكبير مصطفى أحمد الخليفة وقد تم تكريمه باختياره شخصية العام. وحياني مختار بخيت عبد اللطيف كابو وسألته عن صديق قديم كان ضيفاً خفيف الظل طوال سنين دراسته بكلية طب الخرطوم هو الاستاذ عبد الحكيم الطاهر، وحملته تحايا لشيخ وإمام مسرح البقعة الاستاذ علي مهدي، وسألته عن كيفية التعامل مع مقص الرقيب، وسعدت حينما علمت أنه ليس له وجود في المسرح، ووجدت نفسي بين أناس موهوبين يعملون بإشراف مهني ويصنعون من الفسيخ شربات رغم ضيق الإمكانات. فلهم التحية والحب في عيدهم السنوي