صراع قديم متجدد بين قواعد الاتحادي الأصل وصولاً إلى زعيم الحزب. وما رشح عن الحديث بشأن انعقاد مؤتمر الحزب العام المزمع مطلع يناير، حيث صرحت قيادات من داخل الحزب بعدم انعقاده أبداً. وبدأ صراع القواعد داخل الحزب حول المؤتمر العام عقب تكوين لجنة للإعداد لقيامه، منتقدة طريقة اختيار اللجان من قبل زعيم الحزب محمد عثمان الميرغني، ودفعت مجموعة داخل الحزب - تيار الإصلاح - وقيادات بارزة، بمذكرة تصحيحية للميرغني، طالبته بإلغاء قرار تكوين اللجان للإعداد لقيام المؤتمر العام للحزب مطلع يناير المقبل، وأكدت فى البيان«لا يستوي الظلُّ والعودُ أعوج، وأن هناك سلبيات صاحبت الإعداد للمؤتمر العام، وفي تكوين اللجان التي تم اختيارها على موازين تخالف الاختيار المؤسسي الصحيح، حيث غلب عليها طابع الطائفة والإخوة والأبوة والشلة والتصنيف السياسي المستند إلى الولاء للقيادة وإرضائها»، وطالبت بإصدار قرار بإلغاء اللجنة العليا للمؤتمر أو تعديلها تعديلاً جوهرياً. وكان هنالك اتفاق من بعض قيادات الحزب، فقد أوضح القيادي البارز فى الحزب على السيد الذي يعتبر واحداً من القلائل من القيادات داخل الحزب التى لا تخشى التصريحات والانتقاد لكل ما يجري فى ساحات الحزب العريق، وكانت له آراء واضحة وجريئة، مما دفعت الميرغني بعدم قبول طلب لمقابلته كان قدمه على السيد، وعند سؤاله عن سبب طلبه، وعن عدم قبول الميرغني للقائه قال: «لكي أقول له لا يمكن أن يكون رئيساً للمؤتمر ورئيس لجنة تحضيرية، ودا ببساطة مخالف للدستور وهو يعلم «أنا عاوزو لشنو؟»، ولذلك رفض. لكن خلال سؤال من«الإنتباهة» عن وجود صراع داخل الحزب حول زعامة الميرغني، أوضح أن الباب مفتوح لمن أراد أن يطرح رأيه فى المؤتمر حول أي من القضايا وليست لدينا تحفظات. وتابع: قد تكون هنالك صراعات لكنها شكلية ولا يوجد شخص مهيأ للمنافسة، وأضاف: لا يوجد منافس للميرغني فى الحزب، وأشار إلى أن ميرغني عبد الرحمن قد يحاول ترشيح نفسه، لكن لا أعتقد أن يجد أحداً يثنّيه لافتقاره للقدرات. حديث السيد يفتح أبواباً حول وجود صراع على مستويات القواعد داخل الحزب، وذلك بعد أن برزت أصوات محتجة على طريقة تكوين اللجنة التحضيرية للمؤتمر، برئاسة الميرغني، الأمر الذى دفع مراقبين إلى توقع أن جميع مخرجات المؤتمر العام، من قرارات وقادة وأعضاء- وربما هى نفس الوجوه القديمة- ستتكرر، لتستمر الأزمة التنظيمية، وتنتظر القواعد أربعة أعوام أخرى. وذلك يؤكد حديث على السيد فى حواره أن مشكلة الحزب الاتحادي «من الله خلقو» لا يعرف التنظيم، وبعد الاندماج مع الطائفية ضعف التنظيم أكثر. مراقبون وصفوا الحزب الاتحادي كغيره، عانى من انقطاع التجربة، الشيء الذي أضعفه كثيراً. وهذا يعني أن أية محاولة لإعادة تنظيمه تحتاج لجهد استثنائي في تكوينها ومهام وكفاءة أعضائها وبعدها عن المحاور والإشارة، ووجود خلل في الحزب ناجم عن الفردية المفرطة يجعل من الحديث عن المؤتمر المزمع عقده، أنه لن يقوم أصلاً. ويبرز صراع القواعد مع قادة وزعامات الحزب أنه واحد من سياسات الحزب الجديدة التى لم تكن فى السابق، فالحديث عن خلافة الميرغني كانت فى وقت سابق من المحرمات داخل الحزب ذي القاعدة الجماهيرية العريضة خاصة المريدين الذين لا يجدون للميرغني بديلاً لزعامة الحزب، لكن أخيراً ظهرت آراء لا تتفق مع هذه الجماهير، وإن كانت لا تصرح مباشرة تحاشياً لأي ردود فعل عنيفة قد تبدر من قبل قيادات الحزب، إضافة إلى أي غضب جماهيري قد يحدث. فكاريزما الميرغني التى تميز بها والتى ساعدته على بناء تلك القاعدة الجماهيرية، لم ينفها القيادي السياسي أحمد علي أبوبكر فى حوار سابق مع «الإنتباهة»، إن هذه الكاريزما يجب أن يستفيد منها الحزب ومؤسساته خاصة وسط الطرق الصوفية، مؤكداً أن مولانا محمد عثمان الميرغني يتمتع بكاريزما دينية لكن لم نجد ذلك في الحزب، ودائماً القائد يجد المساعدة كثيراً عندما يجد من حوله أمناء يعملون لمصلحة إصلاح الحزب وليس الركوض وراء المناصب في حكومة تواجه أصعب الظروف، أي، في خريف عمرها. على كلٍّ يبقى الحديث عن وجود تيارات وقواعد داخل الحزب أمراً لا يخفيه الحزب نفسه، ليبقى صراع ظل داخل أروقة الحزب تتطلع إلى روح جديدة تقف أمامها كاريزما الميرغني التى إلى الآن لم يجد الاتحاديون أنفسهم بديلاً بنفس الصفات التى يتمتع بها أبو جلابية.. فإلى أين سينتهي صراع القواعد مع كاريزما الميرغني؟!