لعل الخطوة التي أقدم عليها مجلس تشريعي ولاية الخرطوم بإيقافه العمل بلائحة مكافحة التبغ بالولاية تعد من أكثر الخطوات التي لا تصب في المصلحة العامة وأقل ما توصف به أنها محاولة يائسة لإفشال قانون التبغ الذي أعلنه وزير الصحة د. مأمون حمّيدة وزير الصحة بولاية الخرطوم عن التطبيق الفوري لتلك اللائحة عقب إجازتها من قبل المجلس التي تنص على حظر ومنع استخدام التبغ في الأماكن العامة والمغلقة ووسائل المواصلات والمؤسسات الصحية والتعليمية ومكاتب الحكومة ودور العبادة والحدائق، وأمهل الشركات المُصنّعة والمستوردة لتوفيق أوضاعها خلال عامٍ من بدء تطبيق القانون الذي ينص على التنبيه في العلبة أو كيس «الصعوط» بمضار التبغ بالكتابة والصور وألاّ تقل المساحة عن «30%» من واجهة كل علبة. ومن هذا المنطلق توقّع وزير الصحة أن يواجه تطبيق القانون الذي تمت إجازته والتوقيع عليه أخيراً من قبل المجلس التشريعي والوالي حرباً شرسة وعنيفة من قبل الشركات، ومن المتوقع صدور بيان توضيحي حول هذه القضية من قبل المجلس التشريعي، وأقر بوجود صعوبات تواجه التطبيق باعتباره تغييراً للسلوك، وأبان أن إجازة القانون أكبر إنجاز للصحة، خاصةً وأنه توجد نسبة عالية من المدخنين تتراوح بين «20 - 25% » لكل الولايات، وأنّ «65%» من المرضى في مستشفى الذرة بسبب التبغ، ونوه إلى أنه تم توزيع لافتات تحذيرية في الشارع العام، وأكد قوة تأثيرها على تغيير السلوك والإقلاع عن التدخين، وحذر من خطورة استخدام «الصعوط» السوداني واعتبره من أخطر أنواع التبغ لاحتوائه على العطرون الذي يسهم في التغلغل وفتح مسامات الجسم لإحداث أمراض مثل السرطانات حتى «سرطان المثانة»، وكشف عن الدعوة لزيادة أسعار السجائر، وشدد على ضرورة التبليغ عن أماكن البيع أو عدم التزام تطبيق القانون بالتدخين في الأماكن العامة، ونوه إلى أنه سيبدأ بنفسه في التبليغ عن أي شخص يخالف القانون، الجدير بالذكر أن مجلس تشريعي الخرطوم أصدر قراراً قضى بإيقاف العمل بلائحة مكافحة التبغ بالولاية لسنة 2013م التى أودعها وزير الصحة منضدة المجلس في أغسطس الماضي وقد تمت إجازتها من قبل المجلس وقامت بتطبيقها وزارة الصحة بالخرطوم علماً بأن هذا القرار عندما تم تطبيقة أسفر عن ضبط مخالفات وتم تحريك إجراءات قانونية ضد بعض المحلات. وفي تصريح سابق أكد منسق برنامج مكافحة التبغ بوزارة الصحة رضوان يحيى للزميلة «الرأي العام» أن التبغ والسجائر من ضمن السلع المدعومة كالدواء وأن السودان الدولة الوحيدة التي تدعم صناعة التبغ وأن المواد الخام لصناعة السجائر تدخل ضمن منظومة السلع التي تؤخذ منها رسوم باعتبارها من السلع الإنتاجية لتشجيع التصنيع. فهذا بالطبع ليس تشجيعاً للصناعة وإنما دمار للمواطن.. كما نجد أنه قد اختلفت طرق تعريف التدخين عبر الزمن وتباينت من مكان إلى آخر، من حيث كونه مقدساً أم فاحشاً، راقياً أم مبتذلاً، أم خطراً على الصحة. ففي الآونة الأخيرة وبشكل أساسي في دول الغرب الصناعية، برز التدخين باعتباره ممارسة سلبية بشكل حاسم. في الوقت الحاضر، أثبتت الدراسات الطبية أن التدخين يعد من العوامل الرئيسة المسببة للعديد من الأمراض مثل سرطان الرئة والنوبات القلبية وقد أدت المخاطر الصحية المثبتة عن التدخين، إلى حدوث عيوب خلقية لذلك فقد قامت الدول بفرض ضرائب عالية على منتجات التبغ، إضافة للقيام بحملات سنوية ضد التدخين وذلك في محاولة منها للحد من تدخين التبغ، وأكدت دراسة عالمية أن «90%» من الوفيات في العالم وأصابتهم بسرطان الرئة يرجع لتعاطيهم السجائر إضافة لذلك فأن «30%» حالات إصابات بسرطان الفم والرئة والمعدة والمريط والقولون، إضافة لذلك فإن السرطان يسبب مشكلات صحية أخرى كالسكتة الدماغية التي تبلغ نسبة إصابة المدخنين بها ثلاثة أضعاف غير المدخنين كما أن «25%» من الوفيات الناجمة عن أمراض القلب التاجية والنوبات القلبية ترجع لتعاطي السجائر، وذلك بحسب الدراسة كما أن هناك دراسة أخرى تقول أورام المخ: تتزايد احتمالية التعرض لخطر الإصابة بأورام المخ بصورة هائلة بين الأطفال الذين يتعرضون لمعدلات عالية من التدخين السلبي، حتى لو كانت الأم لا تدخن لذلك لا تقتصر الخطورة على تعرض الوالدين للدخان في مرحلة الحمل. والسؤال الذي نبحث عن إجابة عنه هل هناك جهات ما قامت بممارسات ضغوط لإلغاء اللائحة؟ أم أن الشركات التي تقدم الدولة لها تسهيلات هي صاحبة ذلك القرار؟