وجد مهرجان السِّياحة والتَّسوق الذي درجت ولاية البحر الأَحمر على إقامته في هذا التوقيت من كل عام اهتمامًا متعاظمًا من قبل رئاسة الجمهورية، فقد شارك فخامة الرئيس عمر حسن أحمد البشير مواطني الولاية فرحتهم بهذا المهرجان، وثمن الجهد الذي بذلته حكومة الولاية حتى أضحت مدينة «بورتسودان» قبلة سياحية لكل أهل السُّودان، ويبدو أن حكومة الولاية تعول على هذا المهرجان السنوي كثيراً، فقد نشطت في تجهيز وتشييد وتعبيد الطرق الداخلية للمدينة وجرى عمل ضخم في مجال البنى التحتية لقطاع السياحة والفنادق، كما ان المشاركة الإقليمية والعالمية كانت أبرز تدليل على ان الحكومة الولائية قد تمكنت من الأخذ بأسباب النجاح، وقد تبدى ذلك جلياً في اليوم الاول لافتتاح فعاليات المهرجان الذي شرفه بالحضور الرئيس البشير وضيفه (اسياسي افورقي) رئيس دولة اريتريا بجانب مشاركات لبعض الدول الاوروبية وعدد كبير من السياح من مختلف بقاع العالم، وبرغم ذلك لم يسلم المهرجان وحكومة الولاية من بعض الانتقادات التي جرت هنا وهناك، ويقول بعضهم ان الجهد المبذول في هذا المهرجان كان ينبغي ان يوجه لإطعام الجوعى في جنوبطوكر أو هكذا قال الزميل (هاشم عبد الفتاح)، لا بأس فولاية البحر الأحمر شأنها في مسألة الجوع والفقر والمرض شأن اخواتها الاخريات اللائي يرزحن تحت وطأة أشد من تلك التي يعاني منها انسان البحر الأحمر، كما ان مشكلات مثل الجوع والفقر والمرض هي قاسم مشترك لمعظم ولايات السودان، ولكن عبقرية (ايلا) تتمثل في انه استطاع ان يخرج إنسان ولايته من قاع الفقر والجهل والمرض الى ساحات الإنتاج بفضل البرامج التي ابتدرها في هذا المجال، صحيح انه لم يبلغ المأمول من الكفاية في هذا المجال ولكن ما جرى من توزيع وتمليك بعض المواطنين وسائل انتاج مثل قوارب الصيد والابل الحلوب ومواتر لنقل البضائع واخرى لنقل المعاقين حركيًا. بجانب تنفيذ مشروع تمليك التاكسي، كل هذا يؤكد ان هناك رؤية ومشروعًا اقتصاديًا تريد عبره حكومة الولاية القول أنها تولى معاش مواطنيها اهتمامها الجاد فليس بالسياحة وحدها يحيا الإنسان! إن المشكلة الكبرى التي تواجه حكومة (إيلا) هي قضية مياه الشرب فهذه مشكلة تنموية قديمة ومتجددة بل هي مستعصية وليس في مقدور الحكومة الولائية حلها ولكن بشريات السيد الرئيس بوضع حل نهائي خلال العام القادم هو (الكرت) الرابح والذي التقطه والي البحر الأحمر بقوة ونحسب انه سوف يمضي مع هذا الالتزام الرئاسي حتى ينعم انسان بورتسودان بمياه شرب نقية حلوة المذاق، قد يقول بعضكم ان هناك دورة منطقية لأي توجيه رئاسي كالذي اطلقه السيد الرئيس بخصوص مياه بورتسودان، ولهؤلاء نقول ان اولى الحلقات في هذه الدورة قد بدأت بالفعل حين التأم القطاع التنظيمي للمؤتمر الوطني خلال اليومين الماضيين وبحث مسألة مياه الشرب لمدينة بورتسودان مصحوبة بتوجيهات السيد رئيس الجمهورية وخرج القطاع بالتزامات قطعية تجاه حل هذه المشكلة ونناشد بهذه المناسبة وفي إطار تضافر الجهود إدارة صندوق إعادة بناء وتنمية الشرق ان يسهم في حل هذه المشكلة كما ساهم من قبل في بناء سد نهر (ستيت) بمائة مليون دولار، وبعيدًا عن مشكلة المياه التي تعاني منها بورتسودان هناك (ثقب) آخر يتبدى للناظر في اللوحة الجمالية لمهرجان السياحة وهو مشكلة (حلايب) والتي تعد من اكبر المشكلات التي تواجه الحكومة على المستوى الاتحادي والولائي فقد مضت سنوات عديدة واهالي (حلايب) يرزحون تحت وطأة اجراءات قاسية في الدخول والخروج الى موطنهم في (المثلث) ببطاقة تصر السلطات المصرية ان تكون بحوزة من يريد الدخول والخروج.. ونحن اذ نقول هذا نعلم مدى الحرص والوطنية اللتين يتحلى بهما السيد محمد طاهر ايلا ورغبته الصادقة في وضع معالجة نهائية لمثل هذه المشكلات التي تبدأ بمياه الشرب وتنتهى بوضعية انسان حلايب في المأزق التاريخي الذي وضعته فيه الحكومة منذ السنوات الاولى لاستقلال السودان، ولا تحمل حكومة (ايلا) العبء الناتج عن هذه المشكلات ولكننا فقط نرجوه ان يضعها على رأس الاهتمامات التي تبحثها حكومته فليس بالسياحة وحدها تُعرف الأوطان؟