يبدو أن التقارب بين حزبي المؤتمر الشعبي والوطني قد أخذ منحىً آخر بعد تبادل التصريحات والانتقادات خاصة من قبل الشعبي الذي ظل رافضاً مبدأ الحوار مع الوطني، ومع تكرار الدعوة من الحزب الحاكم لفتح باب الحوار مع كل الأحزاب السياسية. ويبرز الشعبي أكثر الأحزاب الرافضة للحوار مع الوطني إلا وفق شروط وضعها. لكن يبدو أن حزب المؤتمر الشعبي قد بدأ التراجع من موقفه وذلك بتلبية زعيم الحزب الدكتور حسن الترابي لحضور خطاب الرئيس. ووصف مراقبون الخطوة بأنها بمثابة فتح صفحة جديدة بين الحزبين. وقد أكد ذلك الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي كمال عمر عبد السلام، إن مشاركة زعيم الحزب حسن الترابي، في لقاء الرئيس عمر البشير بقاعة الصداقة، تؤكد جدية الحزب في الحوار كخيار بديل عن العمل العسكري. إذاً يبدو أن الشعبي قد آثر الحوار بدلاً من المواصلة في المناكفات مع الحزب الحاكم، ويظهر ذلك خلال التصريحات التي نقلت عن أمين أمانة الاتصال التنظيمي بالمؤتمر الشعبي الأمين عبد الرازق في المنبر الدوري لأمانة حزبه «بأنهم قدموا السبت وفي انتظار الأحد من المؤتمر الوطني». داعياً إلى الجدية في الحوار وإذا كان جاداً في طرحه للحوار فنحن أكثر جدية وإذا مشى خطوة للأمام سنمشي نحوه خطوتين. البلد محتاجة لإنقاذ.. إذاً يبدو أن مواقف حزب المؤتمر الشعبي قد أخذت منحى آخر ووضح ذلك في النبرة الهادئة التي يطلقها خلال تصريحاته، فقد دعا الشعبي المؤتمر الوطني إلى تهيئة المناخ للحوار من خلال إطلاق الحريات العامة وإعلان وقف إطلاق النار في كل السودان وتقديم خطوة للحركات المسلحة بذلك قبل الدخول للحوار. وبحسب المحلل السياسي عباس إبراهيم فإن الشعبي قد بدأ يغير من مواقفه الرافضة والمتشددة ضد أي دعوة يطلقها الحزب الحاكم، لكن يبدو أنه قد بدأ يغير من سياسته هذه وكانت البداية بحضور الترابي لخطاب الرئيس البشير. ويذهب إبراهيم خلال حديثه للصحيفة إلى أن الوطني قد بدأ في تنفيذ شروط كان ينادي بها مراراً وهي إطلاق الحريات، وذلك بعد قرار السلطات إصدار قرار بالسماح لصحيفة «رأي الشعب» التي تتبع لحزب المؤتمر الشعبي بعد إيقاف أربع سنوات، ووجد القرار ترحيباً يشوبه الحذر من الشروط التي وضعت لمعاودة الصحيفة إلا أن السلطات نفت وضع أي شروط لمعاودتها. واعتبر عباس الخطوة أنها تمثل جدية من الحزب الحاكم لمد يد الحوار مع كل الأحزاب. إذاً العلاقة بين الوطني والشعبي التي ظلت متوترة إلى حد كبير يظهر جلياً من خلال المواقف الأخيرة قد بدأت تأخذ طريقاً آخر، لكن الأمين السياسي للحزب كمال عمر قد نفى توحد حزبه مع المؤتمر الوطني. وكانت الحكومة قد أكدت أنه لا حوار بدون إطلاق الحريات فقد أكد رئيس قطاع العلاقات الخارجية بحزب المؤتمر الوطني، د. الدرديري محمد أحمد، على أنه لا حوار بدون إطلاق الحريات العامة لأنها «مسألة أساسية وضمانة يسعى المؤتمر الوطني لتوفيرها لإثبات حسن النوايا» حسب قوله. وأعلن الدرديري، في تصريحات إذاعية لبرنامج «مؤتمر إذاعي» الذي بثته إذاعة أم درمان الجمعة، عن إطلاق الحريات العامة خلال الفترة القادمة بشكل مطمئن للجميع. وقال، إن المؤتمر الوطني لم يقدم مقترحات محددة للحوار وإنما قدم دعوة للحوار «تعالوا إلى كلمة سواء» وسيطرح «11» وثيقة تحمل رؤية إصلاحية لطرحها على المجتمع السياسي السوداني ومن حق القوى السياسية كافة أن تطرح رؤيتها. دعوة الرئيس للحوار وجدت تبايناً في موقف الأحزاب السياسية، فقد حددت قوى الإجماع الوطني أربعة شروط للاستجابة لدعوة الحوار التي وجهها الرئيس البشير، في خطابه الأخير. وتتمثل هذه الشروط في إلغاء كل القوانين المقيدة للحريات، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، التحقيق في قتلى انتفاضة سبتمبر، وقف الحرب والشروع الفوري في مفاوضات غير مشروطة لإنهاء القتال مع الحركات المسلحة. وتنظيم وضع انتقالي كامل، يجسد الإجماع الوطني، كخطوة نحو الإصلاح السياسي والدستوري. اذاً يبقى انتظار حزب المؤتمر الشعبي «لأحد» المؤتمر الوطني بعد أن قدم «السبت» على حد تعبيره رهين الأيام المقبلة .