رباب علي: اشتعال قبة البرلمان أول أمس بضرورة تغليب المصالح في التعاطي مع واشنطن بدلاً من سياسة الشعارات والقرارات الانفعالية، جعل توتر العلاقات بين البلدين يطفو للسطح مرة أخرى. تشديد أعضاء البرلمان على ضرورة تغيير الخطاب السياسي للحكومة تجاه أمريكا، جعلت أستاذ العلاقات الدولية د. صفوت فانوس خلال حديثه ل «الإنتباهة» يؤكد أن خطاب الخارجية السودانية يتميز بالمصالحة ويرحب بتطبيع العلاقات مع واشنطن، مستدركاً بقوله إن واشنطن هي التي تتعنت وتضع الشروط والعراقيل أمام تطور العلاقة بين البلدين. نظرة واشنطن بريبة شديدة لما تسميه بالإسلام السياسي في السودان، وما بين وضع السودان على قائمة الإرهاب وحقوق الإنسان والديمقراطية ودارفور وما يختص بمنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق وأبيي قبل انفصال الجنوب، هي ملفات وصفها فانوس بأنها كانت أهدافاً ضمن إستراتيجية إدارة أوباما قبل أربع سنوات تجاه السودان، وعلق بقوله إن سبب عدم تطبيع واشنطن للعلاقة مع الخرطوم هو اعتقادها أن الأخيرة لم تجد حلاً لإزماتها الداخلية، وهي بذلك والحديث لفانوس تضع اللوم على الحكومة السودانية في عدم حلها. تأرجح العلاقات بين السودان وأمريكا والعداء الصريح والحاد والتعاون المتواضع، وأن غلب عليها التوتر والجفاء من جانب واشنطن رغم سعي الخرطوم الجاد في عملية التطبيع والتقارب في أكثر من مجال، إلا أن الغموض ظل سمة بارزة وعنواناً لعلاقات اتسمت بالعدائية المتبادلة في غالب الأحيان، وظلت واشنطن تمثل رأس الرمح في أزمات الخرطوم مع المجتمع الدولي بعدما تداولت أزماته ودخلت دهاليز مجلس الأمن بدءاً بدارفور والجنوب والعلاقات بين الشمال والجنوب والقرار الدولي رقم «2046»، يعزو بعض المراقبين أن جذور الخصومة بين البلدين يعود إلى أزمة دارفور ومن ثم قضية المحكمة الجنائية الدولية، أو إلى مسألة تزعم واشنطن أنها مبدئية؛ وهي الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، واتهام واشنطنالخرطوم بدعم الإرهاب استناداً لتوصيفها لمفهوم الإرهاب، كل هذه الأمور يراها كثير من المحللين لتوتر العلاقة إنها تبدو منطقية ومناسبة لتبرير غضب واشنطن من الخرطوم، ومسوغات تتخذها واشنطن لتبرير الخصومة. نبرة الإحباط والاستياء التي بدت على النائب السابق لرئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه، بعد مشاركته في اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة في سبتمبر من العام 2010م والتي ظهرت خلال حديثه: «واشنطن تريد حل مشكلة دارفور وإجراء الاستفتاء في الجنوب، ومواجهة النتائج الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المعقدة لانفصال الجنوب، ولكنها لا تريد أن تسأل نفسها كيف يقدر السودان على كل هذا وهي تمارس سياسة لإضعافه»!! هذا الحديث يؤيد جانب أن الخرطوم مهما عملت وفعلت فهي متهمة في نظر واشنطن التي لا ترى أي أمل في فتح الحوار معها، وعلى الرغم من المواجهة الناعمة التي تتخذها واشنطن، بإعلانها خلال العام 2013م عن سياسة العصا والجزرة، من خلال مدها الخرطوم ب «250» مليون دولار مساهمة منها في إعفاء ديونه لديها البالغة «2.4» مليار دولار، إلا أنها لا يجب أن تقود إلى الإفراط في التفاؤل الإيجابي تجاه مسلسل العلاقات السودانية الأمريكية رغم التحول الذي انعكس على سياسة أمريكا تجاه السودان على أرض الواقع، فترفع شعار الحوار حيناً والذي لا تحدد أسسه رغم أنها تحدد شخصية المحاور ممثلاً في مساعد الرئيس السابق نافع علي نافع، ومن ثم تعلن عن إلغائها دعوة نافع لقيادة هذا الحوار، وتعيد العلاقات إلى مربعها الأول؛ مربع العقوبات والقائمة السوداء.