كلنا نحب هذا البلد حبَّاً ملك مشاعرنا وأقل هزة فيه تجعلنا نصحو ونقف قائلين فداك أرواحنا يا بلد.. وإن هذه الزعامات التي تقودنا لا شك أن أهدافهم خير البلد وتقدمه، وإذا أخطأ بعضهم في القيادة فإنهم بشر وسبحان اللَّه الذي جعل هذا الإنسان يذنب ويرتكب الخطأ ثم يتوب ويقبل اللَّه توبته، وإن زعماءنا في القيادة الذين على الكراسي وأخص بصفة خاصة السيد المكرم عمر حسن البشير عمدة السودان حسب لغتي بالإدارة الأهلية ولغتكم اليوم رئيس الجمهورية المنتخب ثم أعرج السيد الصادق شيخ الأنصار وعمدة حزب الأمة القومي وغير القومي، ثم أنحدر بقلمي إلى ساحة الشيخ أحمد ابن الإمام عبد الرحمن المهدي «عليه الرضوان»، ثم أخاطب الشيخ الجليل حسن عبد اللَّه الترابي «البروفيسور المحترم»، ثم أقف مع الابن غازي صلاح الدين والابن أحمد حسن رزق: وهم جماعة حزب الإصلاح الذي انبثق أو انفصل من المؤتمر الوطني هؤلاء الزعماء خاطبتهم بمنازلهم كل على حدة.. زرت السيد الصادق بمنزله الساعة العاشرة يوم (10/3) الضحى والبشاقرة تصنت، وهذا جزء من قصيدة شعبية تغنى في الدلوكة وتمامها إيدك وابل المطر يا الصادق في خدمة البلد ما ونت، ونحن بمنزله العامر «الديوان» حينما قدم علينا ود المهدي وقفت ومعي أبنائي عبد الواحد ومحمد حسن دياب سكرتاريتي، وكبرنا بشعار الأنصار اللَّه أكبر وللَّه الحمد، وجلسنا على الكراسي الوثيرة، وتلك الجلسة ذكرتني أيام كنت عمدة هلا هلا يا تلك الأيام التي كنت فيها عمدة نهر عطبرة اتصرف وأحكم، ولكن أحكامي دائماً الصلح خير هذا هو الخاطر الذي كان في نفسي وأنا أجلس يمين الصادق ود المهدي، وقدمت له إهدائي (كتاب مذكرات عمدة سابق الجزء الثاني) وشكرني قائلاً حباب العمدة الحاج.. البشير يسير في طريق أعوج واحتكر السلطة هل تنصحه؟ قلت له نعم إذا وجدت البشير اتلوم سوف أرجعه وأنصحه بمنعرج اللوى.. وإذا كان يا الصادق عندك لوم على البشير نفرش البرش وتلوموا.. وإنت يا الصادق ود المهدي الذي بالسيف وللرقاب في الشرع بتلاوي.. والسيد عبد الرحمن جاهد بالقلم وكله جهاد والضرب مساوي.. وإنت من الذين يعلمون هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون لماذا فرقت حزب الأمة كيمان لماذا إنت الإمام ورئيس الحزب وكل شيء، وهناك عمك الشيخ أحمد ود السيد عبد الرحمن المهدي لماذا لا توحد القاعدة وتترك الإمامة إلى عمك أحمد، ومن منزل الصادق انتقلت صلاة المغرب إلى دار الشيخ أحمد المهدي، وشربت معه شاي المغرب باللقيمات والكيك، واستقبلني استقبالاً طيباً وأهديته كتابي، وقال من الصدق إنني كنت أطالع كتابك القديم الجزء الأول بالأمس ثم تقدم ليكسوني عباءة ملفحة فاخرة ومعها عصاية، وقدم مبلغاً من المال، قال هذا أقل مبلغ أقدمه لك في كتابك القيم لا أحدثكم عن هذا المبلغ هو كم مليون خوفاً من مصلحة الضرائب معذرة إن خرجت من الموضوع، ومن دار السيد أحمد المهدي في اليوم الثاني ذهبت إلى حلة المنشية حيث يسكن شيخنا وأخونا حسن الترابي في بيت ما شاء اللَّه بنيان حديث «سراية عجبني بالحيل لي شيخنا» ومع ذلك تذكرت تلك الحكمة القائلة «البيت الآخرة» طيب ما علينا كما يقول ناس البندر، وسررت جداً لزيارة شيخ حسن في داره الفارهة، وبعد التحيات الطيبات قدمت له كتابي «مذكرات عمدة سابق» وهذا الكتاب كان مدخلاً للمناصحة مع هؤلاء الزعماء، وبداية شكرت الشيخ للقائه مع البشير في بيت الضيافة تمهيداً للصلح، ولكنني قلت له إنت زمان قلت لنا إن هذا عمر البشير هو هبة السماء للأرض، ونحن من داك الزمن ماسكين في كلامك واعتبرناه هبة السماء وتمسكنا بعباءته، وقلنا له سير سير يا بشير، وقال لي عنوانك كتابك عمدة سابق.. لا أنت عمدة على طول الخط.. وكمان عمدة مثقف فيما يبدو من كتابك واستراحاتك الصحفية التي طالعتها: وقلت له جزاك الله خير، وقبل ايام قابلت الرئيس عمر البشير في منزل عزاء الوزير المرحوم عبد الوهاب عثمان وهو مارق من الفراش وحوله الوزراء ناس بكرى وآخرون، وقدمت نفسى معرفاً العمدة السابق، قال لا أنت العمدة الآن طوالى وليس السابق، وبحمده أعتبر كلامه هذا قراراً جمهورياً، وكان معي الابن عمر قرين مدير الشركة العربية اكترنونان، وهو من زعماء نهر النيل العالياب، وما فات الرئيس قال لي عمر سنحتفل بهذا القرار وندعو كل ابناء الجعليين ونهر النيل في احدى الحدائق. هذا الكلام الذي قال لي السيد الصادق انت عمدة طوالى جعله يتفق مع قرار الرئيس، وقلت في قرارة نفسي ان شاء الله كمان تتفقوا في توحيد السودان، وخاطبت السيد الصادق بقول الطيب ود ضحوية قائلا: ما بابا الرفيق بي فقرو٭ ومان سمسار قواله ولارفيقي بعقرو بنطح لجة الوعر البلحق صقرو٭ قلبي بكره الناس السواء ويتنقروا وأعجب السيد الصادق هذا الشعر القومي وقال لي يا عمدة هل تنصح البشير طوالي: قلت له ماذا اقول له البشير خلانا نصل من الدامر في أربع ساعات بدل يومين من الدامر للخرطوم.. وخلانا بهذه الطرق المسفلتة نقوم من الدامرالضحى ونصل سواكن في ساعات بدل ثلاثة ايام، ونصبح في مكةالمكرمة نتلو قول الله «الحمد لله الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين»، وندعو للبشير بالخير وللوطن بالاستقرار والنماء.