«لا نتحدث عن تأجيل الانتخابات ولا نرى تأجيلها»..هذا التصريح الجهير صدر عن رئيس الجمهورية عمر البشير، لدى مخاطبته افتتاح مجلس شورى حزبه في الثامن من فبراير الماضي، واتبعه الرئيس بتصريح آخر في السابع من مارس الفائت في بورتسودان : « مافي تأجيل للانتخابات أو وصول للسلطة إلا عبر الانتخابات». وبينما تفيد هذه التصريحات القوية، تمسك المؤتمر الوطني بإجراءالانتخابات في موعدها في مطلع العام القادم، تشدد أحزاب المعارضة على مقاطعتها للانتخابات، وذلك باستثناء الأمة القومي والمؤتمر الشعبي اللذين انخرطا في الحوار، ولاحقاً تبدلت رؤية الوطني حول الانتخابات، إذ أوضح مسؤول أمانة الاتصال السياسي بالحزب مصطفى عثمان اسماعيل لدى سؤالي قبيل عقد اللقاء التشاوري مع الاحزاب، في السادس من أبريل الحالي، أن حزبهم ملتزم بما يقرره الحوار مع الأحزاب في هذا الشأن. الجديد في الأمر ما كشفت عنه المفوضية القومية للانتخابات للزميلة «المجهر السياسي»، من أن حزبي المؤتمر الشعبي والأمة القومي قدما طلباً للمفوضية يدعو لتأجيل الانتخابات لأسباب تتعلق بظروف مالية، فضلاً عن الظروف التي تمر بها البلاد من حروب وغيره، طلب التأجيل يثير العديد من الأسئلة من قبيل: هل دعوة التأجيل تمت بإيعاز من الوطني؟ وما هي غاية الأحزاب من التأجيل؟ ولماذا لم تستثمر المعارضة الفترة الماضية للاستعداد للانتخابات؟ وللوصول للتوضيحات اللازمة هاتفت «الإنتباهة»، رئيس اللجنة الإعلامية للمكتب السياسي للأمة القومي عبد الحميد فضل، الذي نفى أن يكون الحزب قد تقدم بطلب للمفوضية لتأجيل الانتخابات، ولكنه قال إنهم قدموا كتاباً كاملاً لرئيس الجمهورية، تضمن رؤيتهم لحلول أزمات البلاد،ومن بين الاقتراحات التي استوعبها كتابهم الدعوة لتأجيل الانتخابات، فرؤيتهم تقوم على أن موعد الانتخابات يجب أن يكون وفق مخرجات الحوار الدائر الآن، فالازمات التي تواجه البلاد تحتاج لوقت، لذا دَعونا بان لا تعقد الانتخابات في موعدها المضروب ، ويجب تعديل موعدها لتتمكن الحكومة القومية المنتظرة، من حل المشاكل التي تواجه البلاد على الصعيد الامني والاقتصادي، بالاضافة للعلاقات الخارجية، ومن ثم يجري التمهيد لعقد انتخابات حرة وشفافة، وبسؤاله عن لِم لَم تستعدوا للانتخابات خلال الفترة الماضية، أوضح الفضل أن النظام الحالي لم يكن ليسمح بعقد انتخابات في مناخ حر وشفاف، لذا فإن الحوار الجاري الان يهدف لتشكيل حكومة قومية، تمكن الاحزاب من العمل بحرية وشفافية. وللوقوف على موقف المؤتمر الشعبي هاتفت الصحيفة مسؤول الاتصال السياسي كمال عمر ولكن دون جدوى. عضو مفوضية الهيئة القومية للانتخابات الفريق الهادي محمد أحمد أوضح في رده على أسئلة «الإنتباهة» بأن الانتخابات مرتبطة بالفترة القانونية لرئيس الجمهورية، والولاة والمجالس التشريعية ، واستدرك أن الانتخابات أصبحت جزءاً من الحوار الدائر الذي طرحه رئيس الجمهورية، موضحاً أن موعد الانتخابات العادي في أبريل من العام القادم، وقبل أن أطرح أسئلتي، عن تاريخ التماس تأجيل الانتخابات الذي قدمه الأمة والشعبي، وهل كان التقديم مشتركاً أم انفرادياً، باغتني الهادي بوصف الخبر أعلاه بالمغلوط وغير الصحيح، وزاد أن المفوضية لا تنتظر اتصال الأحزاب لتؤجل الانتخابات، ثم أن الانتخابات مرتبطة بالدستور والقانون، وهي ليست في يد المفوضية لوحدها او الاحزاب. وبسؤاله عما يقصد بقوله ان الانتخابات صارت جزءاً من الحوار بين احزاب المعارضة والحكومة، أكد الهادي ان المفوضية لا تحدد موعد الانتخابات بانها يوم كذا على نحو مباشر , فالمفوضية تخطر رسمياً من الدولة بموعد الانتخابات، اي ان الدولة هي التي تحدد موعد الانتخابات، اما المفوضية فهي جهة فنية ، مهمتها تنفيذ الانتخابات وفقاً للدستور والقانون ، وفي تعليقه على ان المفوضية ستعلن عن تأجيل الانتخابات متى ما أوصت مخرجات الحوار بذلك، أفاد الهادي بان المفوضية جهة فنية عليها فقط تنفيذ الانتخابات، اما تحديد وقتها او تأجيلها فهذا ما تخطره بها الدولة, وبالاشارة الى بند مهام المفوضية وسلطاتها بقانون الانتخابات القومية السودانية لسنة 2008 / المادة«ط» التي تنص على «تأجيل اي اجراء للانتخابات او الاستفتاء لاي ظرف قاهر وفقاً لاحكام هذا القانون وتحديد مواعيد جديدة لها» , قال هذه المادة تعمل بها المفوضية، اذا اعلنت عن قيام الانتخابات ونشرت جدولها الزمني , فاذا طرأ امر ما ، يمنع قيام الانتخابات كالاضطرابات الامنية، عندها تعلن المفوضية التأجيل كما حدث من قبل في جنوب كردفان، التي نظمنا فيها الانتخابات في وقت لاحق، وحول مطالب الاحزاب في الانتخابات السابقة بتأجيل الانتخابات، ذكر بان ذلك كان عقب اعلان المفوضية للجدول الزمني للانتخابات ، وعند اعلان الجدول الاحزاب حرة في المشاركة في الانتخابات او مقاطعتها ، وشدد الهادي على ان المفوضية جسم فني مسنود له بموجب الدستور والقانون، الاشراف على اجراء الانتخابات والدولة هي التي تحدد موعدها. يبدو أن جدل النشر والنفي بين مفوضية الانتخابات عاد ليطفو على السطح مجدداً، ما يعيد ذكرى انتخابات2010 والتي احتدم فيها الخلاف بين المفوضية والصحافة، التي نشرت عن المفوضية أخباراً مثل قولها، إنها ستنظم الانتخابات بمن حضر، وأنها بصدد مقاضاة الاحزاب التي اتهمتها بموالاة المؤتمر الوطني آنذاك، لتنفي تلك الأنباء بشدة.