على خلفية إجازت اللجنة العليا للتصرف في مرافق القطاع العام برئاسة وزير المالية بدر الدين محمود للتصرف في 6 شركات حكومية بجانب استمرار عمليات خصخصة 7 شركات متبقية من برنامج العام 2013 والتي تمت مناقشتها كمقترح لقانون التصرف في مرافق القطاع العام 2014 والذي بموجبه يستوعب المتغيرات والمستجدات في مجال التصرف في مرافق القطاع العام أثار جدلاً واسعاً وسط الأوساط الاقتصادية بل وصفه عدد من الخبراء بأنه كارثة على الاقتصاد السوداني باعتباره بوابة رئيسة لدخول الفساد ولعل الضبابية التي تتم بها عمليات التصفية والخصخصة جعلت الكثيرين لا يعولون كثيراً على التصفية التي تقوم بها اللجنة. وأبان الدكتور عبد الرحمن نور الدين رئيس اللجنة الفنية أن الشركات المطروحة للتصرف فيها تشمل خدمة تجارية وعقارية مبيناً أن 11 شركة حكومية اكتملت إجراءات التصرف فيها انفاذاً لاقرار الرئيس للعام 2013 والبالغ عددها 18 شركة. ويرى الخبير الاقتصادي الأستاذ أحمد مالك أن سياسة الخصخصة هي واحدة من ادوات الفساد الكبيرة التي اضرت بالاقتصاد السوداني بل هي بوابة رئيسة دخل بها الفساد الى السودان مبيناً أنها واحدة من روشتات البنك الدولي التي ادخلها عبر قضية التحرير الاقتصادي، مشيراً الى ان خطورتها تمكن في تحويل الملكية العامة الى شركات خاصة وإخراجها من أدوات الدولة الأساسية واضعاف النظام فيها، وقال على حسب البنك الدولي تسمى الخصخصة إعادة الهيكلة والبرمجة التي عن طريقها بيعت كل المؤسسات التي تتبع للقطاع العام وخرجت من ملكية الدولة وعلى رأسها المشروعات الزراعية الكبرى (المناقل .. الرهد.. كنانة) والمصانع الكبرى والبنوك بما فيها بنك الخرطوم، ولفت الى ان النتائج سيئة للغاية ومبيناً أن الخصخصة التي تمت كانت بأثمان بخصة وايجارات ضعيفة منها قطاع الاتصالات وهو القطاع الوحيد الذي حقق نجاحات كبيرة بلغت «3» مليار دولار وهذه المليارات بدلاً من ان تضخ في خزينة الدولة اصبحت اموالاً تتدفق خارج البلاد، وهذا ايضا ينطبق علي قطاع البنوك وتحرير العملة السودانية فبدلاً ما تدخل تلك الاموال الى البلاد تخرج منه، أوضح مالك ان جميع المؤسسات التي بيعت كالاسواق الحرة وغيرها فكانت النتيجة كارثية بل دمرت تماماً واضعفت اقتصاد الدولة، ولا تستطيع الدولة تنفيذ تلك البرنامج الاقتصادية كالبرنامج «الثلاثي» الذي اقرته الدولة مرجعاً الاسباب لعدم امتلاكها آليات التنفيذ، وهذه الخصخصة احدثت مشكلة اجتماعية كبيرة افرزت الاف العاطلين الذين احيلوا الى التقاعد المبكر، وشكك مالك في قانونية اللجنة وقال انها تعمل في اطار غير قانوني وغير مؤسسي، واضاف لا توجد الى الآن دراسة علمية قدمت لمجلس الوزراء او البرلمان من جدوى الخصخصة وهل هي مفيدة أم غير ذلك. أما الخبير الاقتصادي محمد الجاك فقال إن عملية الخصخصة التي تمت في السودان أدت إلى ضرر كبير للاقتصاد السوداني، تمت بشكل لم يأخذ في الاعتبار الآثار الاجتماعية خاصة التي ترتبط بتشريد العاملين، بجانب عدم قدرة كثير من المؤسسات الخاصة على الإدارة الاقتصادية بالكفاءة المطلوبة، والقطاع الخاص في السودان على وجه التحديد هو قطاع ضعيف لا يمكن مقارنته بالدول التي تبنت السياسات الاقتصادية لخصخصة المؤسسات، وقال نتيجة لذلك كان من الأفضل أن تتم الخصخصة بشكل يختلف عن الشكل التي تمت به، وان كثيراً من المؤسسات التي تمت خصخصتها هي مؤسسات رابحة كان بالإمكان معالجة مشكلاتها، واذا تمت معالجة تلك المشكلات لارتفعت كفاءتها ولا ينطبق عليها شرط الخصخصة، وأضاف لا أعتقد أنها سليمة ولا تصب فى مصلحة الاقتصاد السوداني، وأوضح ان الشركات التي تمت خصخصتها وتصفيتها تستوجب الضرورة لمراجعة شاملة لعملية سياسة الخصخصة التي تمت بالبلاد، ولا بد للدولة أن تأخذ مساحة للنشاط الاقتصادي وأن لا تترك ثغرات للقطاع الخاص الذي يعاني من مشكلات كثيرة. وأجمع الخبراء على أن تطبيق الخصخصة بصورة صحيحة فانها ذات فوائد اقتصادية والتنموية كبيرة فيما يتعلق برأس المال والكفاءات، وتفيد متابعتنا بأن هنالك شركات رابحة وعند خصخصتها انهارت أو دمرت تماماً.