يعتبر العمل في الكمائن في نهار رمضان من أكثر الأعمال مشقة وتأثيراً على العامل في أدائه للفريضة وبذل جهد فوق طاقته لتوفير مصروفاته، وهو ما قد يضر به بدنياً وصحياً خاصة في ظل الارتفاع الشديد لدرجه الحرارة، فكان لا بد من معرفة كيف يقضي عامل الكمائن عمله. فالتقينا عمر ليكشف ما يدور خلف كواليس تلك المهنة * اشرح لنا العمل في الكمائن؟ = العمل في الكمائن يسير بطريقة تسلسلية وينقسم لعدة مراحل يمر بها، فكل عامل يعرف دوره وما يقوم به بالضبط. فالبداية تكون منذ أن يتفق صاحب الكمينة ويقوم بإيجار قطعة الأرض وإحضار المواد اللازمة والاتفاق مع العمال بنظام التربيزة وهي تحتوي ما بين السبعين والثمانين ألف طوبة والطربيزة الواحدة يمكن أن يعمل فيها أربعة عمال تبلغ أجرتهم مائتي جنيه. * ما هي المواد اللازمة لصناعة الطوب؟ = القرقب وهو بقية العلف زائد مخلفات الحيوانات التي تتراكم داخل الزريبة. وهو نوعان واحد قطع والثاني يسمى ناشف وأيضاً من المواد الزبالة والحطب. * وكيف يقسم العمل بينكم؟ = يقسم على حسب إتقان الشخص لواجبه، فالطيانة يقومون بالعجن وتخمير الطين لعدة أيام ومن ثم يصنع الطوب في قوالب صغيرة ويترك ليجف من يومين الى ثلاثة أيام وبعدها يأتي دور العربجية الذين يقومون برص الطوب بشكل منتظم وبناء الكمينة وحرقه الذي يستمر لمده أسبوع وبعدها يستخرج الطوب من الكمينة ويكون جاهزاً للبيع. * كيف يسير هذا العمل مع شهر رمضان؟ = بنظام الوردية فيبدأ العمل في الصباح الباكر ويكون هناك من يستريح، وفي الظهيرة يذهب من كان يعمل للراحة ويعمل من كان مرتاحاً، ولكن ليس هناك تقيد فكل شخص يعمل علي حسب طاقته لان الأجرة في النهاية علي حسب الإنتاج. * ما هي المدة التي يقضيها الطوب حتى يكون جاهزاً؟ = فترة عجن الطين وتخمير الطين من يومين إلى ثلاثة أيام وبعدها يضرب الطوب في القوالب وهو حسب سرعة العمال يوما أو يومين ويترك حتى يجف لمدة ثلاثة أيام بعدها يحرق في الكمينة ويستمر لمدة أسبوع ويمكن أن تزيد يوما أو يومين وبعدها يكون الطوب جاهزاً. * وكيف تعد الكمينة؟ = يرص الطوب بطريقة معينة ويتم تلييس الجزء الخارجي بالزبالة وتترك فتحات للحرق ولها تسميات توزع على طول الكمينة تبدأ من الأسفل وتسمى العيون بالشلباية والثانية بتاني شلباية والفوقها بالقودة ومن الأمان ومن المدماك الثالث والرابع تسمى جراية والخامس يسمى شاقي وبعدها الكفية وهي الزبالة حيث يبدأ الحريق من الشلباية ويتصاعد الى أعلى حتى يصل الكفاية. * كيف تعرف أن الطوب قد أصبح جاهزاً؟ = من شكل الكمينة وشكل الدخان الخارج منها فبعد أن تتمكن النار من الطوب يبدأ في الانكماش وهنا تبدأ الكمينة تتصدع ويخرج الدخان من الداخل بعدة أماكن ويظهر السواد في أرجائها. * وماذا يحدث إن لم يحترق الطوب بالكامل؟ = يكون الطوب بشكل مصفر وهش ينكسر بسهولة شديدة وفي بعض الأحيان تكون كل الكمينة بهذا الشكل وهنا ربنا يعوض صاحبها لأن ذلك الطوب لن يباع بسهولة. * ومن يكون السبب في ذلك؟ = لا يتحمل أي شخص لأن كل شي معروف الرص والحرق بطريقة وحيدة وإنما يكون السبب في الأرض نفسها ونسمي الأرض التي لا تساعد على حرق الطوب بالغير حايلة وهي الأرض التي بها رطوبة وتخزن كمية من المياه وهي التي تسبب في إخماد النيران من الداخل فلا يستوي الطوب جيداً. * متى يكون العمل جيداً؟ = في الصيف يكون العمل جيدا نظراً لكثير من العوامل التي تساعد على صناعة طوب جيد منها جفاف الأرض وانحسار النيل مما يوفر الطين، أما في الخريف فتكون صناعة الطوب فيه مجازفة وكذلك الشتاء وهناك سبب آخر هو الهجرة العكسية الى مناطق الزراعة. * وكيف يكون ذلك؟ = معظم العاملين في الكمائن هم مزارعون يعملون في المشاريع الزراعية يحضرون للعمل في الكمائن في المدة التي ينقطع فيها المطر عن مناطقهم، وأول بوادر الخريف يرجع عدد كبير منهم الى ولاياتهم مما يتسبب بنقص كبير في الكمائن. * هل العمل في الكمائن له عائد جيد يجعل منه عملاً دائماً؟ = بالتأكيد لا، فهو عمل متعب ولا يقوم به لا الشباب أصحاب الجهد الكبير ولهذا هو ليس مستقبليا وعائده المادي بالكاد يغطي نفقات شخص أو شخصين، وهو ما يجعله محطة قصيرة يعمل فيها من يعمل حتى يجمع تكاليف سفر ليهاجر أو رسوم دراسية وهكذا، فمن النادر تجد شخصاً يعمل هنا منذ وقت طويل.