عوداً للماضي وفي أعقاب إعلان نتيجة الاستفتاء التي ادت لانفصال الجنوب شرع الرئيس البشير في إجراءات كانت الأولى من نوعها إذ قضت بتكوين حكومة موسعة من الأحزاب السياسية التي عرفت فيما بعد بأحزاب الحكومة العريضة تبعتها إجراءات كالتي تم على إثرها تشكيل لجنة كلفتها قيادة الدولة بإعادة هيكلة الدولة وتقليص الجهاز التنفيذي ومراجعة الهيئات والمؤسسات وإجراء تغييرات جذرية فيها، تلك الحكومة من بعد عرفت بالحكومة العريضة. وفي ظل مناداة القوى السياسية ومطالبتها للمؤتمر الوطني بضرورة تكوين حكومة انتقالية تسبق قيام الانتخابات للعام 2015م واجه الوطني هذا المطلب بقوة اعادت للاذهان موقفه إبان تكوين الحكومة العريضة التي قضت بخروج الجنوبيين بعد انحيازهم لانفصال الجنوب، ولكن قال أحد قياديي الحزب الحاكم في تصريحات له مؤخراً أن قيادة الحزب مجمعة على رفض صيغة الحكومة الانتقالية تماماً لكنها لا تمانع في تكوين «حكومة موسعة» لتنفيذ برنامج وطني في إطار خلق إجماع عام على قضايا الحكم في البلاد. ولمعرفة نوعية هذه الحكومة ودورها وماهيتها وهل سوف تساهم في إيجاد حلول لأزمة السودان الراهنة أم إنها ستضاعف من الأزمات، يقول د. علي حسن تاج الدين أحد أضلاع حكومة الوحدة الوطنية في الديمقراطية الثالثة عن المشاركة في السلطة وغيرها بقوله إن القضية في الأساس برأيي لم تكن مسألة المشاركة في السلطة فحسب، وفقاً لرؤية الأحزاب التي طالبت بحكومة إنتقالية لإجراء الانتخابات القادمة كما إني أنظر للأمر بضرورة معرفة نوعية وشكل الحكومة وما هي أهدافها وأغراضها وهل ستقود للإتفاق المطلوب، هذا برأيي أهم من نوع الحكومة وأسمها أياً كان وفقاً لدكتور علي حسن تاج الدين، وعرج تاج الدين إلى الحكومات المختلفة التي اتبعها الوطني حيث أشار إلى الحكومة العريضة والتي كانوا يقولون إنها حكومة ذات قاعدة عريضة أي ضمت معظم القوى الحزبية التي كانت تريد مجرد المشاركة بغض النظر عن مدى تأثيرهم في هذه المشاركة وما هي الأهداف التي ستكون عليها تلك الحكومة العريضة التي تم تكوينها بمشاركة القوى السياسية، كما أشار إلى نوع آخر من الحكومات التي أيضاً تم اعتمادها في وقت سابق من قبل الوطني وقال إن الأفضل نوعية من هذه الحكومات هي الانتقالية التي تنتهي بإنتهاء الظرف الذي كونت لأجله بإنتهاء الانتخابات، وإنه من الأفضل للحكومة اللجوء لتشكيل حكومة إنتقالية بدلا عن البحث عن حكومات ذات مسميات هلامية ولأنها حكومة كل الشعب السوداني وليست حكومة حزب لوحده.. وشبه د. علي الحكومة الموسعة بالعريضة التي قال عنها « كالجلابية لابسنها ثلاثة أفراد أو أربعة أشخاص ثم توسع لتشمل أكثر» مؤكداً إنها مجرد ألفاظ بعيدة عن المحتويات، تؤدي لايهام الناس بأنهم كلهم مشاركون في الحكومة لكن في الواقع بدون برامج، معللاً ذلك بقوله إن الحكومة الراهنة هي حكومة قاعدة عريضة ورغم ذلك لم تحل أزمة السودان وذلك لأن كل الذين يشاركون فيها إنما لأجل المشاركة في السلطة فقط وبدون برامج وأهداف سياسية واضحة. ويقول مضيفاً ان الحكومة الموسعة المقترحة من قبل الوطني إن لم تعمل لإحداث سلام شامل وتحول ديمقراطي حقيقي وأن يكون برنامجها واضحاً فإنها لم تكن ذات فائدة وستلحق بسابقاتها من الحكومات، وإلا فإنهم يريدون بها المزيد من دور «الكومبارس». وقال الإستراتيجي د.الامين الحسن ل (الانتباهة) إنه يجب على الحكومة توفير متطلبات ومقومات إنجاح الحوار الوطني قبلاً حتى إن كان ذلك يؤدي بتشكيل حكومة يوافق عليها الأحزاب كالانتقالية التي ينادون بها لأن ذلك هو المخرج الوحيد لأزمات السودان، مؤكداً أن الموافقة على تشكيل حكومات كالتي من شاكلة «الموسعة» و» العريضة» لن يزيد الوضع إلا خبالاً وأن المخرج الوحيد في حكومة يعترف بها الجميع معارضة ومؤيدين. في وقت طالب فيه حزب الامة القومي عن تخليه عن خطة إطاحة النظام بالقوة. فقد قال زعيم الانصار الامام الصادق المهدي إن هذا المسلك يتطلب الاستعانة بدول أجنبية يكون دعمها مرتبطاً بمصالحها الخاصة، مشيراً إلى أن العمل المسلح يقفل الباب أمام العمل السياسي والحوار، و أن الحل السياسي المنشود يتطلب عوامل كثيرة أهمها استحقاق الحريات العامة وقانون يحدد الأهداف والوسائل والإجراءات لقومية الحكم والسلام وفق مجلس قومي للسلام، وأضاف أن حزب الأمة تجاوب أكثر من غيره مع الحوار بسبب الظروف التي يمر بها السودان، ومن أجل تحقيق الأجندة الوطنية في السلام والتحول الديمقراطي، لكنه لم يجد الاستجابة من الحكومة بتوفر استحقاقات الحوار فيما راهن الحزب على تشكيل الحكومة الانتقالية كمخرج من الأزمة الراهنة. فيما طالب المؤتمر الشعبي بتشكيل مجلس منتخب لوضع الدستور المقبل للبلاد، في وقت دعا فيه الأحزاب الموالية للحكومة والمعارضة إلى التنافس وإعداد المقترحات حتى يتم التشاور حولها والخروج بدستور نموذجي، وقال محمد العالم أحمد أمين أمانة الحكم اللامركزي بالمؤتمر الشعبي في تصريح نقله (إس. إم. سي) « لا يمكن لأي جهة أن تضع الدستور دون أن يتم انتخابها وتشكيلها من قبل الشعب»، مشيراً إلى أن حزبه لديه قناعة بضرورة أن يتم وضع الدستور من قبل مؤسسة منتخبة تتشاور وتتحاور حول نظام الحكم، داعياً الأحزاب إلى التنافس حول إعداد الأوراق والتصورات في ما يختص بالدستور، وقال العالم إن الحوار الوطني هو المخرج من المشكلات التي تمر بها البلاد، مبيناً أن المؤتمر الشعبي قام بإعداد مقترحات وأوراق ستطرح في طاولة الحوار الوطني ليتم التشاور حولها والتراضي على كل ما من شأنه الدفع بمصلحة الوطن.