كتبنا أكثر من مرة عن ظاهرة استخدام أعمال السحر «الأناطين» في كرة القدم لجلب النصر أو لتحقيق أشياء مختلفة، وهي ظاهرة منتشرة ومعروفة على مستويات الدرجات الأدنى في كرة القدم داخل الأندية ورائجة منذ عدة عقود لكنها ربما تفاقمت أكثر في العقدين الأخيرين في السودان في ظل التنافس الإداري في الأندية ومحاولة البقاء على سدتها مهما كان الثمن، والتعصب الشديد من قبل بعض الأقطاب أو روابط المشجعين أحياناً، وبالأمس قرأت تحقيقاً في صحيفة «ألوان» عن ظاهرة الأناطين في كرة القدم تم فيه استطلاع عثمان الحاج الصديق الملقب ب «الأنطون»، الذي حكى عدة طرائف في هذا المجال، وهو لم يكن الحوار الأول حتى على صعيد القنوات التلفزيونية، كما تحدث أيضاً جلال الدين إبراهيم سكرتير سابق لرابطة مشجعي المريخ عن التأثير النفسي للاعبين خوفاً من هذه الظاهرة، وأشار إلى عدة أمثلة منها تجويع قطة نزلت إلى الملعب أثرت على لاعبي الهلال وتسببت في هزيمتهم من الناحية النفسية، إضافة إلى رمي سبع حصاوى كان لها تأثير نفسي حيث فاز المريخ بكأس مانديلا. وفي هذا الإطار حكى اللاعب الراحل والي الدين طرفة حدثت في مباراة الهلال والهلال السعودي حيث كان هداف الفريق الثنيان يهم بتصويب ضربة جزاء احتسبت ضد الهلال، فقام بحشر قطعة من النجيلة تحت فانلة اللاعب تسببت في إضاعة ضربة الجزاء وفوز الهلال بالمباراة، لكن مع ذلك فإن السحر حقيقة مذكورة في القرآن والإيمان به واجب وتأثيره على النفس والبدن لا خلاف عليه وإتيانه يعتبر من الكبائر والشرك بالله، وهذه الظاهرة المقيتة أكثر انتشاراً في الدول الإفريقية التي تعتبر السحر جزءاً من تراثها وإحدى الآليات المشروعة لتحقيق النصر والتوفيق في التنافس الكروي، بل أن إحدى الدول الإفريقية كما ذكرنا من قبل، قد احتجت عندما رفضت الدولة التي تباريها منح الساحر تأشيرة دخول إلى بلادها، بل حتى في الدول العربية موجودة وإن كانت بدرجة أقل، بيد أنها باتت منتشرة في بعض الدول الغنية في دول الخليج. وحكى لي أحدهم أن ساحراً إفريقياً سكن معهم في شقة كان يتعامل مع فريق من تلك الدولة العربية الثرية. وقال إنه كان طوال الليل مستقيظاً يقوم بأعمال تعاويذ سحرية عندما تكون لدية مباراة مهمة، والطريف أن الفريق بالفعل اكتسح الدوري هناك مما يعني حصول الساحر على مال وفير، وفي السودان عرفت مناطق معينة بأنها الأكثر رواجاً لسوق الأناطين، إما طلباً للنصر أو ل «تكجير» لاعب مؤثر حتى تتحول تهديفاته من المرمى إلى الكشافات مباشرة، وقد يتحول إلى الكنبة ومن ثم تطوله مقصلة الشطب أو الإعارة إذا كان محظوظاً، وفي ظل هذه الحمى الكهنوتية الكافرة يلجأ بعض اللاعبين إلى بعض الشيوخ الدجالين أو السحرة المتمسحين بالدين ثم يعطوهم تميمة لدفع الضر فيقوم اللاعب بوضعها في شنكار اليد أو القدم ولكنها تعجز دائماً عن أداء دورها أو تنجح لفترة مؤقتة وهو ما يغري اللاعب باللجوء مرة أخرى للأنطون الذي عادة ما يضاعف هذه المرة أتعابه، لكن الصحيح والمشروع والمطلوب هو أن يقوم اللاعب بالتحصين الشرعي عند الدخول للمباراة وفي ما بين الشوطين وهو قراءة آية الكرسي والمعوذتين وهو أمر يحمي اللاعبين من شر أعمال السحر ويبطل عمله بإذن الله. و يا أيها الأقطاب والإداريون امتنعوا عن التعامل مع الأناطين ووقتها ستبدو أقدام اللاعبين خفيفة بعد البسملة وترك الأفعال الشركية وسيختفي التهديف نحو الكشافات وستقل الإصابات بإذن الله، وستأتي القنوات العربية التي امتنعت عن شراء دورينا، ومن ناحية أخرى سيصبح الأنطون حزيناً لأنه فقد حزمة محترمة من البنكتوت.