ما زالت غيمة التوتر بين دولة السودان ودولة الجنوب المنفصلة تزداد غتامةً فيما يخص ملف النفط، ولا تزال المفاوضات بين الطرفين عالقة بنحو كبير بين الخرطوموجوبا بشأن ملف التقاسم النفطي بعد الانفصال، في وقتٍ تجابِه فيه الخرطوم خيارات صعبة جرّاء فقدان العائدات النفطية لسد العجز في الموازنة العامة بسبب ذهاب النفط جنوبًا، تقف جوبا عند موقفها الرافض لسداد ما عليها من متأخرات أعلنتها في وقتٍ سابق وزارة النفط باتخاذ قرار حاسم بوقف صادرات بترول الجنوب عبر موانئ السودان واتهمت دولة الجنوب بالمماطلة والنكوص في تسديد الرسوم التي وصلت إلى »727« مليون دولار قبل عدة أشهر وبدلاً من الاعتراف أو الإقرار بمستحقات الشمال نجد حكومة الجنوب تبحث عن خيارات أخرى لتصدير نفطها إلى أسواق العالم، غير آبهة بالمفاوضات التي يقودها الشمال في أديس أبابا والتي تأجلت لأكثر من مرة بشأن العراقيل التي تضعها حكومة الجنوب أمام سير المفاوضات التي يقودها الطرفان عبر تدخل الوسيط الإفريقي ثامبو أمبيكي بجانب إبداء الصين موافقتها على التدخل في المفاوضات عبر ممثلها وصولاً لحل يرضي الشمال والجنوب معًا ويضمن حقوق ومستحقات كل طرف لدى الآخر وبالرغم من حسن النوايا التي يتعامل بها الشمال إلا أن التهديدات من قبل الجنوب بدأت من رئيس دولته وانتهاءً بالتصريحات التي أطلقها أمس الأول وزير النفط بجوبا بأن دولة الجنوب ستعمل على إغلاق (بلف) النفط وتدور ساقية تبادل الاتهامات من سرقة النفط ومنع البواخر من الرسوم ومغادرة موانئ السودان الشمالي تلك القضايا العالقة حتى الآن، رغم مرور وقت كبير على انفصال جنوب السودان ما زالت الخرطوموجوبا عالقتين على مشجب النفط والسؤال الذي يدور حول كيفية المخرج من أزمة النفط طرحناه على الخبير الاقتصادي بروفيسور عصام عبد الوهاب بوب الذي أكد أن الأزمة بدأت منذ توقيع اتفاقية السلام الشامل التي اشتملت على عدد من الثغرات التي أدت إلى تقسيم عائدات النفط، مبينًا أن النزاع حاليًا بين الشمال والجنوب لا يمكن من توجيه النقد واللوم لطرف واحد فقط مؤكدًا أن الطرفين على خطى وإذا حدثت خسارة سوف تكون من نصيب الطرفين هذا من ناحية ومن ثم نقل بترول الجنوب عبر الأنابيب التي تمر عبر الشمال إلى ميناء بورتسودان فهذا الأمر منطقي واقتصادي وأي حل مؤقت أو دائم غير ذلك بالتأكيد لن يكون في مصلحة دولة الجنوب وعليه من الضرورة أن يكون هنالك حوار هادئ في المفاوضات القادمة واستخدام المنطق الاقتصادي بين الطرفين بدلاً من التعنت السياسي الذي نراه الآن، وأوضح بوب أنه في حالة اختيار الجنوب نقل بتروله عبر خطوط جديدة فهذا حل غير اقتصادي ومكلف من النواحي المالية وتقدر تكلفته بما لا يقل عن 3 4 مليار دولار مبينًا أن التكلفة يمكن أن يستفيد منها الجنوب في التنمية الاقتصادية بدلاً من استخدامها لإقامة أنابيب بديلة فهذا يستغرق من الوقت ما لا يقل عن 3 سنوات بالتأكيد تعطل العمل الاقتصادي في جنوب السودان وتصبح الدولة في حالة فوضى اقتصادية وسياسية بدلاً من تأسيس موقعها كدولة بالنسبة للشمال، وفيما يخص إيقاف ضخ البترول عبر الأنابيب فعليه لا بد للطرفين من اتفاق على تقسيم مقبول وعادل وفق خطة مستقبلية لا »يُضر« منها الاقتصاد الشمالي والجنوبي، واقترح بوب أن يكون هنالك تغيير في الأطراف المفاوضة من الجهتين وأن يذهب إلى التفاوض فريق من التكنوقراط والفنيين وأن لا يرتبط العمل بالسياسة والشخصيات السياسية ويكون الاتفاق وفقًا لحسابات الربح والخسارة.. من جانبه قلل الخبير الاقتصادي د. محمد الجاك من تصريحات دولة الجنوب وقال إنه تهديد غير قابل للتنفيذ؛ لأن اتخاذ مثل هذا القرار يعني بقاء النفط داخل الحقل، وأضاف: أن خيار الجنوب في نقل النفط عبر شاحنات لدول الجوار ستكون تكلفته عالية ولا تقل عن 54 من تكلفة نقله عبر الأنابيب مبينًا أنها عوامل غير اقتصادية وتقلل من العائد لحكومة الجنوب وبالتالي خيار الجنوب الوحيد في المدى البعيد التصدير عبر السودان الشمالي، فيما أشار الناير إلى أن المفاوضات يمكن أن توصل الطرفين إلى حل باقتراب المسافات بين الطرفين بأن تعالج الوضع بمعزل عن القضايا الأخرى وأكد أنها إذا ظلت مرتبطة بالتسويات فإنها تعطل مسيرة الاقتصاد في الجنوب الذي يعتمد على النفط كمصدر وحيد للنقد الأجنبي وإيرادات موازنته.