تحليل سياسي : محمد لطيف لا يظنن احدكم اننى بصدد الكتابة الان فى هذا الشأن .. كلا سادتى .. فقد فعلت ذلك قبل عدة اسابيع .. وتحديدا فى الاول من مارس 2019 .. اى قبل اكثر من شهر من انتصار ثورة ابريل كتبت ما تجدونه ادناه .. ولا ارى حاجة لتعليق منى .. ولكم ما ترون ..! المحرر (عاتبني صديق .. كيف اؤيد الجيش وادعم الانقلاب .. فى الوقت الذى ادعى فيه ديمقراطية وادعو الى كفالة الحريات واتاحتها .. قلت له لذات الاسباب التى ذكرتها .. وهى الديمقراطية والحرية والعدالة فانا اؤيد الانقلاب ..وان استدركت قائلا .. ليت ما جرى يرقى لمستوى الانقلاب .. لكن على كل حال فالذى جرى منذ الجمعة المنصرمة وحتى الجمعة الاخيرة .. قد حقق فعلا مهما .. ظللنا ندعو له ونطالب به منذ عشرات السنين .. نعم عشرات السنين .. لا تندهش يا صديقى فان كان عمر الانقاذ ثلاثة عقود .. فما نتحدث عنه قد بدأ منذ عقدها الاول .. بل انا شخصيا اسميه عقد التمكين .. وهذا التمكين هو الذى اسس لسلطة الحزب .. وكرس لهيمنة الحزب .. وجعل كل غير ذى صلة بالحزب .. مواطنا من الدرجة الثانية .. ولن يتناطح فى ذلك عنزان .. ولسبب من هذا صيغت العبارة الاشهر فى تاريخ السودان السياسي .. تفكيك دولة الحزب لصالح دولة الوطن .. بل صارت العبارة هذه .. انشودة و مطلبا .. يردده كل من اراد خيرا بالسودان .. عبارة رددها الصادق المهدى ومبارك الفاضل وفاروق ابوعيسى .. و الميرغنى و قرنق .. ودريج وخليل .. ومنى و جبريل .. و قد بح بها صوت نقد حتى فاضت روحه .. ! وتخليص الوطن من ربغة الحزب .. كان وسيظل هو المدخل الوحيد الصحيح .. لسيادة العدالة واشاعة الديمقراطية .. وتكريس الحريات .. وكل هذا لن يتأتى الا .. بتفكيك دولة الحزب لصالح دولة الوطن .. وان لن يتحقق هذا الا عبر دورٍ للجيش كضامن وحارس للممارسة السياسية .. كما حدد ذلك خطاب المفاصلة الثانية .. فمرحبا بالجيش ..! ولا تزال اجابتى لصديقى متواصلة حين اقول له .. ليست هى المرة الاولى التى أؤيد فيها الجيش .. فقد أيدت الجيش فى ابريل 1985 حين انحاز للشعب وتعهد بحماية الديمقراطية .. وحراسة الممارسة السياسية .. وحينها لم يخذلنى الجيش فقد كان عند العهد به .. فانهى عهدته فى ميقاتها .. ثم اننى .. وهذا ليس سرا فقد كتبته علنا .. نعم كتبت مؤيدا الجيش فى مصر حين تدخل لقطع الطريق على الدكتاتورية المدنية هناك .. وعلى محاولات التمكين التى كان ( الجماعة ) يخططون لنقل تجربتها من السودان .. صحيح ان الجيش هناك قد خذلنى ..كما خذل كل دعاة الحرية والديمقراطية الذين ناصروه .. وصحيح كذلك ان الجيش خذلنى هناك ثانية حين منعنى من دخول مصر التى احب .. حين كتبت ناقدا ما صار اليه الامر .. ولكن الصحيح ايضا ان كل تجربة بنت ظروفها .. فان كانت تجربة السيسى تشكك فى الجيوش .. فان تجربة سوار الذهب تعزز هذه الثقة ايما تعزيز ..! ويبدو ان تجربة سيناريو دور للجيش قد اختلف هذه المرة .. وان قاد لذات النتيجة .. ففى ابريل 85 خرجت الجماهير الى الشارع مناهضة لنظام نميرى .. وحين طغت ارادتها على الواقع السياسيى .. قرر وزير الدفاع انذاك الفريق سوار الذهب ان يكون للجيش دور فى تفكيك النظام المايوى لصالح نظام ديمقراطى يرضى تطلعات من خرجوا الى الشوارع .. وفى ديسمبر 2018 خرجت ذات الجماهير مرة اخرى مناهضة لنظام الانقاذ .. وطغت ارادتها ايضا .. فقرر القائد الاعلى للقوات المسلحة ان يلعب الجيش دورا فى تفكيك دولة الحزب لصالح دولة الوطن .. وهو مطلب الجماهير .. ومطلب الساسة .. وهى العملية الجارية الان .. وان لم تكن تعنى ذلك فقل لى ما معنى ان يقول الرئيس انه قرر ان يقف من الجميع على مسافة واحدة ؟! ومن ظن ان عام الرمادة هذا .. عفوا عام الطوارىء هذا .. كاف لتفكيك دولة الحزب .. العميقة .. فهو بين احد امرين .. اما انه لا يعرف السياسة .. او انه لا يعرف الحزب ..! هذا رأينا يا صديقى على كل حال .. ورأينا صواب يحتمل الخطأ.. ورأيكم خطأ يحتمل الصواب .. ولكن الوطن لا يحتمل التجريب والمغامرة ..!) الصيحة اول مارس 2019 ما ساضيفه فقط هو انه اذا كان قد تم التراجع عن برنامج التفكيك الذى بشرنا به ذاك .. حتى قبل ان يبدأ.. فان برنامج الثورة لتفكيك دولة الحزب لم يبدأ حتى اليوم .. و هذا امر لا يقل خطورة على الثورة .. من كتائب الظل ومليشيات النظام ..!