السودانيون ليسوا كسالى .. فالكسل فرية أشاعها عنا بعض ذوي القربى، وأصبحت مثارا للتنكيت .. ودافعا لإزاحة السودانيين عن بعض فرص العمل الجيدة، بل ومحفزا لمزاح ثقيل .. لا يرضاه سوداني أبي النفس . صحيح أن حرارة السودان فوق الاحتمال، والحرارة عنصر شديد التحفيز للكسل، لأنها تستلب الطاقة من الأجساد، وهي طاقة مهمة للعمل والنشاط والإنتاج . لكن مع ذلك، يكدح عمالنا في الشمس الساخنة حتى في نهار رمضان، ويوفرون اللقمة الحلال لأسرهم وأبنائهم، ولو أتيح لمن يصمون السودانيين بالكسل ان يعملوا في تلك الحرارة .. لأعطوا شهادة للسودانيين بأنهم أبطال العالم في النشاط، ولتركوا الساحة خاوية من أهل الهمة والعمل .. إلا من السودانيين . لحسن الحظ .. أن كل الذين عرفوا السودانيين عن قرب، وشاهدوا كدهم وجهدهم، وخبروا طاقاتهم الكامنة والظاهرة .. يعرفون أن ما يشاع .. محض افتراء، والدليل أولئك السودانيون الذين شاركوا في الإضافة لحضارة الغرب وعلومه، وساهموا أيضا مع الأشقاء في بناء دولهم، وهم يجدون من أولئك الأشقاء، ومن الدول الغربية التي يقيمون فيها، كل الاحترام والتقدير والاحتفاء والثقة العالية .. وهي مكانة لم تأت من فراغ، ولم تترسخ إلا بعرق لم يجف .. وجهد لم يكل .. وإخلاص لم ينضب . على اي حال، طالعنا قبل أيام الدراسة التي برأت السودانيين عن الكسل، وأخرجت الشعب السوداني من دائرة العشرين الأوائل في مجال الخمول، ونشرت (المجهر السياسي) ملخصا موجزا لمحتواها، حيث أظهرت الدراسة العالمية أن أهل مالطا، الذين تحذر أمثالنا من الأذان عندهم، هم الأكسل على مستوى العالم، يليهم أهل سوازيلاند الإفريقية، بل ودخلت دول كنا نعتبرها نشيطة في القائمة من أوسع أبوابها، كإيرلندا، وإيطاليا، وقبرص، وتركيا، حتى اليابان نفسها فاجأت العالم، ودخلت ضمن القائمة، وكان التبرير أن اليابانيين يحبون العمل .. لكنهم يعتمدون على التقنية في أعمالهم .. وليس على نشاطهم البدني أو الذهني المجرد. آخر الأخبار عن الكسل والكسالى .. سجلت مفاجأة جديدة .. حيث أشارت أنباء الأمس إلى أن البريطانيين (أبطال) ولا يشق لهم غبار في .. الكسل ! يقول الخبر إن دراسة جديدة نشرتها صحيفة (ديلي إكسبرس) منذ يومين أشارت إلى أن الكسل يجعل معظم البريطانيين يكسلون حتى عن أبسط الأعمال، فهم لا يتولون أبدا تنظيف سياراتهم بأنفسهم، أو تنظيف نوافذ منازلهم بأنفسهم، بل يكلفون آخرين بتلك الأعمال بشكل مستمر، مع أن من شأن قيامهم بتلك الأعمال أن يوفّر لهم مئات الجنيهات الاسترلينية في العام. واشارت الدراسة إلى أن واحداً من كل 10 بريطانيين يقبل بأي عرض يُقدم له حتى عند شراء سلع رئيسية مثل سيارة أو أخذ رهن عقاري، لأن الكسل يجعله غير آبه بالبحث عن عروض أخرى. وقالت الدراسة أيضا إن الكسل يجعل البريطانيين لا يكبدون أنفسهم عناء إلغاء العضوية غير المستخدمة في الصالات الرياضية وغيرها، وتحصيل الأموال التي يقرضونها للأصدقاء أو افراد العائلة. المهم .. أن الدراسات أخرجتنا من دائرة الكسالى في العالم، والعالم كله بات يعلم نتائج تلك الدراسات. اقتنعنا والله اقتنعنا .. لكن من يقنع (الديك) ؟!