* في ليلة واحدة (غنى) كاتب هذه السطور و (مثّل) و(قرأ القرآن).. * كان ذلك خلال ليلة من ليالي مدرستنا الأدبية حين كان التعليم (جميلاً) و(أسرياً) و(مجانياً).. * فهو الذي انبرى للتلاوة الاستهلالية، وقد كانت آيات من سورة مريم.. * وهو الذي انبرى لإتمام الدور الناقص في المسرحية وكان دور التمرجي.. * وهو الذي انبرى للترنم بأغنية الختام- في غياب من يُفترض أن يقوم بالمهمة هذه- وكانت (إنت كلك زينة).. * كل ذلكم الذي فعله صاحب هذه الزاوية في ليلة واحدة لو طُلب منه فِعل واحد منه الآن لعجز.. * فقد اكتشف- عندما كبر- أن صوته لا يصلح للغناء ولو بين جدران الحمام.. * وأنه (أروش) لا يجيد من التمثيل حتى ما كان صامتاً منه.. * وأن سورة مريم التي كان يحفظها عن ظهر قلب لم يبق منها في ذاكرته إلا الآيات التي تحكي قصة مريم هذه نفسها.. * وهكذا كان التعليم (شاملاً)- في زماننا ذاك - منذ مرحلة الإبتدائي.. * فأنت يمكنك أن تغني ليصفق لك الحضور- تشجيعاً - وإن كان صوتك يماثل صوت كاتب هذه السطور (قبحاً).. * ويمكنك أن تمثل- لتجد التشجيع ذاته- وإن كان تمثيلك يشابه تمثيل بعض ممثلي أيامنا هذه (هبلاً).. * ويمكنك أن تلعب كرة القدم - لتُشَّبه بسانتو والدحيش - وإن كان لعبك ينافس لعب موسى الزومة (شتارةً).. * ثم إن الطالب منا آنذاك - في إطار الشمول هذا- كان يفقه في أمر السياسة ما يجعله ملماً بأسماء قيادات بلادنا السياسية كافة .. * والفقرة أعلاه هي مربط (الأسى) لكلمتنا هذه على خلفية تحسُّر إسلاموي برلماني بارز على الذي آل إليه حال شباب زماننا هذا.. * فقد قال إنهم (يجهلون قيادات البلاد السياسية، وباتوا مهتمين بقضايا انصرافية).. * وهذا الذي قاله هجو قسم السيد صحيح- بالتأكيد- ولكن القيادي البرلماني لا يتفضل علينا بذكر الأسباب التي أوصلت الشباب إلى (الدرك) هذا.. * فهل فشلت- مثلاً- (ثورات) التعليم العديدة التي انبثقت عن (ثورة) الانقاذ؟!.. * أم فشلت نظرية (إعادة صياغة الإنسان السوداني) التي بشرت بها كثيراً الإنقاذ هذه؟!.. * أم أن الفشل التعليمي هذا هو نتاج فشل عهد اقتصادي أُدرج الطالب فيه ضمن مصادر (الدخل القومي) ليضحى (دافعاً) بدلاً من أن يكون (متلقياً)؟!.. * ومهما يكن من أسباب أدت إلى (ضياع) جيل اليوم فإن ثمة شيئاً نعذر أبناءه على جهلهم به وإن أثار غضب النائب البرلماني المعروف.. * إنه (الإلمام بأسماء قيادات البلاد السياسية) من أهل التمكين الإنقاذي .. *وهي قيادات - للعلم - أكثر عدداً ب(خمسين) مرة من قيادات أي نظام سياسي سابق في السودان .. *أو- بعبارة أخرى - هي تعادل كل الوزراء الذين مروا على البلاد منذ الإستقلال وإلى ماقبل عهد الإنقاذ .. *فنظام له في العاصمة وحدها أكثر من ثمانين وزيراً - بخلاف المستشارين والمعتمدين ووزراء الدولة - كيف يُمكن أن تُحفظ أسماء منسوبيه؟!.. * بل إن هجو قسم السيد ذاته نتحداه أن يُحصي لنا قيادات (زماننا هذا) السياسية.. *أي أن يحصي لنا أسماء قيادات لنظام هو نفسه (قيادي) فيه .. * أو حتى أن يحصي لنا- إن عجز- قيادات حكومة ولاية الخرطوم فقط.. * وسوف نكافئه - إن فعل - بليلة نغني له فيها ونمثل ونقرأ ما بقي في ذاكرتنا من سورة مريم !!!!! بالمنطق - صلاح الدين عووضة صحيفة الصيحة