أعلن وزير المالية والاقتصاد الوطني بالإنابة الدكتور عبد الرحمن ضرار في 21 مايو2013م عن استمرار شهادات المشاركة الحكومية شهامة. وقال ضرار: (إن الاستثمارات في الأوراق المالية سياسة مالية اقتصادية تبنتها الدولة لإستقطاب مدخرات المجتمع وإعادة توظيفها لصالح التنمية والخدمات) ونفى بشدة وجود أي اتجاه لتصفية شهادات شهامة. وأشار إلى أنها واحدة من أدوات الدين الداخلي لتمويل عجز الموازنة. وأكد استمرار الشهادات لتمويل عجز الموازنة. وبين أنها سياسة ضرورية لتنشيط حركة الاقتصاد. وأعلن إلتزام وزارة المالية بسداد أرباح شهادات شهامة. وأضاف أنها معتمدة من البنك المركزي، وإن ما ورد بخصوص تصفيتها عارٍ من الصحة. تصريح وزير المالية بالإنابة يناقض ما جاء في تقرير المراجع العام عن العام2012 أمام المجلس الوطني، والذي أوضح فيه أن شهادات شهامة تشكل عبئاً على وزارة المالية ورهقاً للموازنة ولا تسهم بأي قدر في التنمية أو الخدمات. وكانت شهادات شهامة قد أوقف استمرارها في فترة سابقة، إلا أن جهات عليا متنفذة هي التي أمرت بمعاودة عملها. هناك العديد من الأسئلة المشروعة التي يثيرها هذا التصريح وتفرض على السيد وزير المالية بالإنابة الإجابة عليها. أولاً: كم من الأموال استطاعت شهامة استقطابها من مدخرات المجتمع. وهل أعيد توظيفها لصالح التنمية والخدمات. فإن كان الأمر كذلك فما هي المشاريع التي وظفت فيها الأموال العائدة من شهادات شهامة أو حتى ساعدت في انشائها؟ ولو صح وزير المالية بالإنابة عن أن شهادات شهامة واحدة من أدوات الدين الداخلي لتمويل عجز الموازنة، فماذا يعني حديث وزير المالية الأصل في خطابه أمام المجلس الوطني عن أن موازنة2013 ستعتمد على الضرائب والجمارك بنسبة(100%) ولماذا ارتفع عجز الموازنة من 6 مليار جنيهاً إلى أكثر من 10 مليار جنيهاً. ثانياً: أما حديث السيد وزير المالية بالإنابة عن أن شهادات شهامة ضرورية لتنشيط حركة الاقتصاد، فهو حديث بعيد عن ابجديات قوانين الاقتصاد ومقومات تنشيط حركته. فنشاط الحركة الاقتصادية قوامه ولحمه وسداته الإنتاج . بمعنى ان يكون البلد منتجاً ومصدراً لبعض ما ينتج للحصول على العملة الصعبة التي تسهم في دفع التنمية وعملية الإنتاج واستكمال دورته من تصدير وعائد من التصدير وتنشيط السوق المحلي. والإنتاج هو الذي يستوعب – كلما اتسع مداه ومؤسساته – المزيد من القوى العاملة، وبالتالي اتساع القوى الشرائية. هذا غير موجود في واقعنا الراهن. فالسودان، باعت حكومة المؤتمر الوطني وخصخصت معظم مؤسساته المنتجة الزراعية والصناعية والخدمية. وشرد بسبب ذلك مئات الآلاف من العاملين. ولهذا اصبح بلداً مستهلكاً لمعظم، ان لم يكن كل احتيجاته الضرورية لأهم السلع المعيشية والخدمية من الخارج. ثالثاً: أما حديث الوزير بالإنابة عن أن شهادات شهامة معتمدة من البنك المركزي فهو حديث لا يعفيها من شبهة الفساد وعدم جدواها للاقتصاد السوداني، بل أن ضررها أكثر من نفعها. فقد أكد تقرير المراجع العام المشار إليه إلى التضارب في المعلومات بشأن شهادات شهامة بين شركة الخدمات المالية التي تسوق شهادات شهامة، وتقاضى عمولة على ذلك ، وبين معلومات بنك السودان حول نفس الشهادات، عندما أشار إلى فرق لا يقل عن 2 مليار جنيهاً. فهل عرفت وزارة المالية حتى هذه اللحظة أين ذهب الفرق؟ وهل أسهم في دعم الموازنة والتنمية والخدمات كما ذكر، أم شق طريقه إلى مكان لا يعلمه إلا المصرون على استمرار شهادات شهامة مهما كانت ضخامة الأعباء التي تلقيها على وزارة المالية والأضرار التي تسببها للاقتصاد السوداني وفقاً لحديث المراجع العام. رابعاً:- اذا صدقنا حديث السيد وزير المالية بالإنابة عن أن شهادات شهامة تمثل واحدة من أدوات الدين الداخلي وأن وزارة المالية ملتزمة بسداد أرباح شهامة، فمن أي بند ستسدد وزارة المالية هذه الأرباح في ظل خصخصة المؤسسات العامة وانهيار القطاعات المنتجة؟ نسأل هذا السؤال رغم معرفتنا بأن شهادات شهامة، وفقاً للعرف الجاري ينفق عليها من طباعة العملة كيفما اتفق. ولهذا أثره السالب على سعر الجنيه السوداني. ولذلك، فأن السيد وزير المالية بالإنابة عندما يدلي بمثل هذا التصريح المفارق للواقع يجب عليه أن يتحرى الدقة والمصداقية فيما يقول. وهو يعلم بحكم تسلمه لهذا المنصب أن وزارة المالية فشلت في تسديد ديون العديد من المؤسسات بما فيها المستشفيات وفواتير الكهرباء والماء وغيرها. ونحن في الحزب الشيوعي نقول، لا شهادات شهامة ولا بيع مصانع السكر، ولا خصخصة ما تبقى من مؤسسات الدولة ولا حتى إباحة التعامل بالربا ولا زيادة الأسعار والضرائب والجمارك وغيرها ساهمت من قبل في انقاذ الاقتصاد السوداني من الانهيار. وليس بمقدورها أن تفعل ذلك الآن، مع تصاعد الحروب والنهب والثراء الفاحش والفساد الذي يمتص كل الفوائض المالية، على حساب الشعب وتجويعه بالإفقار وعدم العلاج من الأمراض القاتلة التي استوطنت. فالبلاد يحكمها نظام مثل جهنم، كلما أُلقى فيها قالت هل من مزيد. الحل الوحيد الذي نراه ونناضل من أجله مع كافة القوى المعارضة هو توسيع جبهة المعارضة الجماهيرية وتنظيم صفوفها وتصعيد نضالها عبر المطالب اليومية حتى تقتنع بإسقاط هذا النظام. الميدان