إليكم ............. الطاهر ساتي المستهلك بلا قانون رادع ...!! ** يتواصل الحديث عن حماية المستهلك، فأقرأ يا صديق هذه الواقعة الموثقة لتعرف قيمة حياتك وصحتك عند ولاة أمرك .. ( ط.د.أ)، مواطن سوداني في العقد الثالث من عمره ويقيم بالخرطوم بحري،عطش ذات اليوم فحدثته نفسه بأن يرتوي بمياه غازية، فقصد أقرب محل إلى منزله الكائن بالحاج يوسف وأشترى قوارير مشروب غازي تنتجه إحدى الشركات المعروفة جدا، وعاد إلى المنزل ليستهلك هذا المشروب مع أسرته.. وهناك رأى هذا المواطن - ط.د.أ- بأن لون مشروبه المفضل ليس هو ذات اللون الذي تميز به، ثم تراءت لناظره شوائب سوداء..ولأنه مواطن يتسم بالوعي،لم يتواكل ويشرب المشروب بفهم (ياخ تلوث شنو؟ أصغر منك دوسو )، وكذلك لم يقذف بالقوارير في سلة المهملات بفهم ( معليش، الجاتك في مالك سامحتك) .. بل بكامل الوعي حمل قوارير المشروب الغازي وتوجه إلى نيابة حماية المستهلك ببحري، ليطمئن قلبه على سلامة هذا المشروب أو ليحمي نفسه وأسرته وأهل بلده من تلوثه، تصرف في منتهى الوعي،وهذا ما يجب أن يكون جزء من ثقافة أي شعب ..!! ** هناك، بنيابة حماية المستهلك ببحري، إستلموا قواريره ، ثم أحالوها إلى معامل المواصفات والمقاييس للفحص.. بقليل جهد وفي زمن وجيز، أثبتت تقارير المعمل بأن هذا المشروب به نسبة تلوث عالية، إذ تلوث بفطريات غير صالحة للإستهلاك البشري،كما جاء نصا في التقرير .. وعلى ضوء هذا التقرير تحرت النيابة و دونت بلاغا ضد الشركة المنتجة بالرقم (519)، ثم رفعت ملف القضية إلى محكمة بحري لتحكم ..إلى هنا كل شئ يمضى متسقا مع طبيعة الأشياء ، أليس كذلك ؟.. يلا إلى المحكمة لنكمل الواقعة..جاءت المحكمة بممثل الشركة ومستشارها القانوني وبهذا المواطن، وبدأت جلساتها.. الجلسة الأولى ثم الثانية والثالثة والرابعة و..عفوا، مساحة الزاوية لاتسع تسلسل عدد الجلسات، إذ تجاوز العدد الثلاثين جلسة بجلستين.. نعم، (32 جلسة )..على مدار عام إلا ثلاثة أشهر، نعم ( 9 أشهر )..بعد كل هذا، حكمت المحكمة بالآتي : أدانت الشركة، حيث ثبتت تلوث مشروبها الغازي، ثم حكمت بأن تدفع الشركة غرامة مالية قدرها مائتا جنيه فقط لاغير، نعم (200 جنيه)، يعني بالبلد القديم ( ميتين الف جنيه )، وربما يقرأنا قارئا غاب عن البلد سنين عددا ولايعرف كم يساوي هذا المبلغ بالدولار، وعليه أفيده بأن المحكمة حكمت بتغريم تلك الشركة ذات المشروب الملوث ب (70 دولار فقط لاغير)..بعد (32 جلسة ، 9 شهور)..ثم لك أن تتخيل ياصديق، لمن تدفع الشركة هذا ( المبلغ التافه )؟..لايذهب بك ظنك الطيب بأنها دفعته للمواطن تعويضا، لا والله ، فالمحكمة حكمت بأن تورد الشركة ذاك المبلغ في حساب حكومة السودان .. نعم لحكومة السودان .. وماذا عن المواطن ( ط ،د،أ) الذي ظل يصرف على مسار قضيته عاما إلا ثلاثة أشهر؟.. وماذا عن زمنه الذي قضاه ذهابا وإيابا من وإلى المحكمة؟..وماذا عن تكاليف المحاماة ورسوم التقاضي وغيرها ؟.. للأسف لاشئ، فليحتسب و( يتكل على الله )..هذا ماحدث لهذا المستهلك المتضرر، وكل الوقائع موثقة بتلكما النيابة والمحكمة وذاك رقم القضية، ولو لم يكن تشهيرا لكتبت اسم الشركة ومديرها.. المهم ،عندما إلتقيت هذا الأخ المواطن المستهلك، حذرني ساخرا : ( نصيحتي ليك يا ساتي لو لقيت جمل ميت في قزازة بارد ما تشتكي إلا لرب العالمين )..ولقد صدق، ولم لا؟ حيث قانون حماية المستهلك - كما عاش واقع تنفيذه - يرهقك ويستنزفك ثم يحكم لصالح خزينة الحكومة بمبلغ يندي لقيمته جبين المبالغ..ماهكذا تحمي الحكومات وقوانينها شعوبها من الأغذية والمشروبات الملوثة يا سادة ياكرام ..!! ** وعليه، القوانين المناط بها حماية المواطن السوداني من السلع الفاسدة والملوثة دون مستوى الأضرار الناتجة عن تسويق و تناول تلك السلع، بل تكاد تكون قوانينا أحكامها تشجع التلوث والفساد .. ولك أن تعلم يا صديق بأن هناك لجنة قانونية - برئاسة مولانا سوسن شندي - صاغت مشروع قانون لحماية المستهلك ثم سلمته إلى أجهزة الدولة المختصة للمراجعة والإجازة في العام ( 2007).. وهو مشروع قانون رادع لكل من يتعمد الإضرار بصحة الناس وزهق أرواحهم، ولكن للأسف منذ ذاك العام وإلى يومنا هذا لايزال حلما على ورق، ولم يبارح مكاتب وزارة العدل بعد..ولم يسأل أي نائب برلماني وزير العدل عن سرعدم تقديم هذا القانون للبرلمان منذ العام(2007)، ولن يسألوه، فمتى كان المواطن أكبر همهم ؟.. ليس مهما - لبرلمان أحمد إبراهيم الطاهر- مرض الناس أوموت أطفالهم..ولوفاضت كل أسواق بلادي بكل أنواع الأغذية الفاسدة والمشروبات الملوثة، لن يتحرك البرلمان تجاه تفعيل ذاك (القانون المجمد منذ العام 2007 )..فالبرلمان كان ولايزال وسيظل (خادم الفكي )..لقد صفقوا لوزير المالية عندما رفع الدعم عن الوقود و رفع أسعار السلع، وهكذا هم دائما، لايتقنون إلا التصفيق لأي جهاز تنفيذي يهلك الناس والبلد..ولذلك نتجاوزهم، و نسأل وزير العدل : لماذا التلكؤ في إجازة قانون يحمي ( المستهلك وأسرته ) ..؟ ............ نقلا عن السوداني