طارق عبدالرحيم قولي [email protected] في المساحة الواقعة بين غسان كنفاني و على الزيبق تسكن تطابقات النضال من أجل وطن يورثونه كاملاً لأجيال تأتي بعدهم .. و بينهما قواسم الإنتماء للوطن الكبير فلسطين و العائلة الكبيرة عكا .. في التاسع من أبريل عام 1936 وُلد غسان كنفاني ليعلمنا نضال القلم قبل السلاح و يقول لنا: (أنا أحكي عن الحرية التي لا مقابل لها .. الحرية التي هي نفسها المقابل ) .. و في ذات المدينة المكتظة بالمناضلين و لد على الزيبق أو علي العكاوي هذا الذي يناضل من أجل بناء وعي لإنتاج إنسان فلسطيني قادر على حمل هموم الوطن على عاتقه .. يحمل حلم (عائدون) و إن لم يكونوا هم ستكون الأجيال القادمة بعدهم يسلمونهم مفاتيح العودة .. إلتقيت بعلي الزيبق ذات تعثر محظوظ على عتبات العالم الإفتراضي تحسسته عن قربٍ بعيد، هو في مدينة عكا و أنا في الخرطوم .. يقول الزيبق عن نفسه أنه وُلد في عكا شمال فلسطين لأب بحري أحب البحر رغم أنه كان مديراً لمطبعه تهجرت العائلة في بداية عام 1967 إلى مدينة الطيبه بسبب مواقفها الوطنيه وتأييدها لحركة الأرض التي أسسها المناضلان صالح برانسي ومنصور كردوش ..عشت كباقي جيلي في عكا القديمه وتحديداً في خان العمدان مكان ميلادي .. هي ذات المواقف النضالية و نفس ملامح التهجير .. في ذلك المساء تحدث علي الزيبق عن مجزرة دير ياسين التي قال عنها ( بيغن) بعد تنفيذها: إن لم تحدث المجزره لم تقم اسرائيل ، وهذا إعتراف صريح من ( بيغن ) أن إسرائيل قامت على جثث الضحايا و على تدفق دماء المناضلين .. و سيأتي يوم لن تكون هنالك إسرائيل لأن الحق لا يموت إن لم يسترده أصحابه سوف يسلمون مفاتيحه للإبناء القادمين بعدهم.. حقاً على الزيبق هو شخص له المقدرة على أن يجعل من حوله مستيقظين و أن تظل ذاكرة الجماعة فيهم متقدة و يجعلهم يؤمنون بأنهم على حق فأينما وُجد الإحتلال وُجدت المقاومة، و أينما وُجدت المقاومة كان الإنتصار حليفها و لو بعد حين لأنها (أي المقاومة) تناضل من أجل الحق .. و هنا بالذات تشابه ( علي الزيبق ) عندما قال : إن ماتت ذاكرة الجماعة ماتت قضيتنا .. و( غسان كنفاني ) الذي قال : إذا كنا مدافعين فاشلين عن القضية، فالأجدر بنا أن نغير المدافعين لا أن نغير القضية .. عندما أخبرت على الزيبق بهذا التشابه الذي يدور في رأسي .. ضحك و قال لي : أين أنا من غسان ؟ فغسان في الثريا و أنا في الثرى .. نعم غسان كنفاني تحلق روحه في الثريا لتضئ طريق العودة و النضال .. و كذلك علي الزيبق يمنح الأعين الضوء لترى معالم الطريق لجيل قادر على السير في طريق نيل الحقوق و المطالب التي لم يتمنوها و إنما عملوا لها .. هنا يمكنني القول أن مابين ( غسان كنفاني ) و ( علي الزيبق ) مابين الثريا و الثريا .. أحدهم نال شرف الإستشهاد من أجل وطنه و الآخر مايزال ينال شرف النضال .. بمناسبة ذكرى ميلاد غسان كنفاني أكتب حروف غادة السمان في مقدمة كتابها ( رسائل إلى غسان كنفاني ):- (إلى الذين لم يولدوا بعد هذه السطور التي أهداني إياها ذات يوم وطنيّ مبدع .. لم يكن قلبه مضخة صدئة، أهديها بدوري إلى الذين قلوبهم ليست مضخات صدئة، وإلى الذين سيولدون بعد أن يموت أبطال هذه الرسائل ولكن سيظل يحزنهم مثلي أن روبرت ماكسويل دُفن في القدس في هذا الزمان الرديء، بدلاً من أن يُدفن غسان كنفاني في يافا ..