يحاكم داريو فو كولومبوس مكتشف أمريكا في مسرحيته "إيزابيل ثلاثة مراكب ومشعوذ" ؛ تنطلق المسرحية من إظهار مناخ القرن الخامس عشر وظروف ملك اسبانيا فيردناند الذي تسيطر عليه زوجته ايزابيل ، حيث تعاني المملكة من ضعف الموارد المالية نتيجة الحروب مع العرب في ملقة وغرناطة وغيرها من المناطق ، واضطرار الملك لطرد اليهود بعد مصادرة أملاكهم وهي المصادرة التي تعد السبب الاساسي في طرد اليهود ، لكن أموال اليهود لم تكن كافية لحل الأزمة المالية ، والتي نجح كولومبوس -بعد خدعته للملكة ايزابيل- في أن يقدم رحلته البحرية كحل للأزمة باكتشاف الهند الغربية وكنوزها. في الجزء الأول من المسرحية تعرض المؤلف لهذا المناخ من خلال مسرحية داخل مسرحية ، فالمسرحية الرئيسية هي إعدام ممثل ، يطلب منه قبل اعدامه تمثيل مسرحية ايزابيل وكولومبوس ، فيمثل المسرحية ليطيل فترة عدم اعدامه أملا في صدور عفو ملكي عنه ، وفي الجزء الثاني تتعرض المسرحية لمحاكمة كولومبوس من حيث المجازر التي ارتكبها في حق بحارته وحق السكان الأصليين وسرقة الذهب وأموال الملك بأكثر من النسبة المقررة له. وتشوه المسرحية صورة كولومبوس تماما فهي تجعل منه قرصانا سابقا ولصا وقاتلا وجزارا ، ولم يعفه الكاتب من المسؤوليات الجنائية التي ترتبت على عاتقه إبان رحلاته المتعددة قبل أن يتم طرده من اسبانيا وموته بالمرض العضال الذي أصابه جراء عدوى من القارة الجديدة حيث مات كولومبوس مغمورا ولم يقدر حق قدره كرحالة عظيم. تنتهي المسرحية الداخلية وغي المسرحية الرئيسية يتم اعدام الممثل بعد رفض العفو عنه . استفاد المؤلف من المسرحية الداخلية في عكس أجواء ومناخ البيئة المسرحية ؛ أي عندما كان كولومبوس في البلاط الملكي وعندما انتقل الى البحر ، وقام بادخال الفلاش باك بصورة مقنعة عبر بناء المسرح وتوزيع مساحته والمجسمات الفنية . واستطاعت المسرحية -إلى حد ما- أن تمنحنا صورة مقتضبة عن حياة أشخاصها (كولومبوس ، إيزابيل ، فردناند ، وابنتهما المجنونة وابنهما الذي توفي بعد ايام من زواجه ) ؛ وربما قصد المؤلف طرح الجدل حول ظروف البعثة الاستكشافية حول كولومبوس ، فهناك أكثر من قصة تم طرحها وتصور عن أفعال وفظائع كولومبوس ، ولا أنسى في الختام إلى أن أشير إلى أن المؤلف قد أوفى الحضارة العربية حقها ، فقد أبرز قوة الحضارة العربية في تلك الفترة خاصة من حيث العلوم والمفاهيم الانسانية التي أثرت تأثيرا كبيرا في ايزابيلا ، ومن الطرائف أن الملكة تأثرت بنظافة الملوك العرب ورجال الدين المسلمين فكانت تشيع أنها لا تستحم الا مرة في السهر بينما هي تستحم كل يوم . الثلاثاء 28 يونيو 2016 [email protected]