** من المُحبط والمؤلم إننا في السودان الوطن المأزوم نعيش حالة مرضية مزمنة استعصى علاجها والسبب غياب ( الحُكماء ) والعُقلاء لإعلاء قيمة التناصح والرجوع للحق الذي لم يعد في زمن الدهشة والإنقاذ ( فضيلة ) الحالة المرضية المزمنة هي إنتشار ( ثقافة الخلاف ) ! فتحدُث القطيعة بين أقرب الناس لأتفه الأسباب !! من الحقائق التي يتفق عليها السودانيون رغم بعض الأصوات النشاز إن ( إكرام الميت دفنه ) حول هذا الموضوع نفضفض .. قبل عدة أيام رحلت عن الدنيا الفانية إحدى قريباتي والمرحومة بإذن الله طالبة في السنة النهائية كلية الطب .. فارقت الحياة إثر عِلة لم تمهلها طويلاً .. الأطّباء يقولون : إلتهاب رئوي حاد .. المعلومات التي وصلت لأهل المرحومة أنها أُعطِيت جرعة تخدير زائدة !! للأسف يستمر مسلسل الأخطاء الطبية والجهات المختصة في الحكومة كعادتها تتفرج ! دُفِنت الطبيبة الشابة في إحدى المقابر في شرق النيل ... الذي لفت نظري وفي داخل مكتب منظمة حُسن الخاتمة بالمقابر أوعية زجاجية مُخصصة لجمع التبرعات من المُشيعين للموتى ! في هذا الصدد تجاذبت أطراف الحديث مع السيد موظف منظمة حُسن الخاتمة فقال والحسرة تملأ قلبه لا بديل لمنظمة حُسن الخاتمة غير جمع التبرعات من المواطنين لتسيير العمل في المقابر أو بالأصح لإجراء اللازم نحو الموتى لهم الرحمة والمغفرة .. يقول محدثي : الجهات المختصة في الحكومة غائبة فتوفير الماء تم على نفقة أحد المُحسنين ... إكرام الميت في السودان دفنه لكن كما يقول الظرفاء : تزداد معدلات المعاناة عند الإنسان السوداني في حياته وبعد مماته .. ** تبدأ المعاناة عند أسرة المريض من خلال رحلة البحث عن العلاج .. أصبح من الطبيعي أن يدوخ أهله أي المريض السبع دوخات في سبيل الحصول على العلاج .. ولأن لكل أجل كتاب تحين لحظة الموت ' والمرضى ما زالوا يبحثون عن ماهية المرض ناهيك عن علاجه الذي أصبح مستعصياً في أغلب الأحيان ** نعود لمنظمة حُسن الخاتمة فيقول محدثي إن الموظفين فيها يمكثون ثلاثة إلى أربعة شهور بلا رواتب ! فيضطّر هؤلاء لجمع التبرعات !! يا للهول حكومة الوطني ترفع شعار : الله أكبر هي لله ومهمة إكرام الموتى ( الدفن ) لا يتم كما ينبغي !! ** لا إعتراض للسودانيين في حُكم الله على مصيبة الموت لكن المصيبة أن يموت السودانيون جوعى ومرضى ..! الملاحظ أن ( التخطيط ) غائب فيما يتعلق بتنظيم المقابر في السودان أي بمعنى ( لا ممرات ) بين القبور تُمكِن المُشيعين من السير بسهولة ' فأصبح من العادي جداً أن ( يدوس ) المارة دونما قصد على القبور ! ** الإضاءة في أغلب المقابر غير متوفرة وشبكة المياه ليست ممدودة بحيث تصل للقبور البعيدة من مدخل المقابر ... الخلاصة جملة من المتاعب تواجه الذين يقومون بدفن الموتى ! ** من الأمور الجديرة بالتناول أن بعض المتطوعين لحفر القبور ليست لهم الخبرة الكافية والدليل على ذلك إن جثمان الطبيبة الشابة التي ذكرتها في البداية لم ينزل بارتياح في ( اللحد ) فاضطر أصحاب الخبرة إخراج الجثمان حتى يتم معالجة الأمر ! ** الموضوع الثاني الذي نتناوله في فضضفة اليوم هو ( المساجد ) .. أصبح معلوماً للجميع إن حكومة المؤتمر الوطني رفعت يدها عن إعمار المساجد والدليل أن أغلب المساجد في السودان بُنِيت على نفقة أهل الخير والعون الذاتي وهو ما يعرف ( بالنفير ) عند أهلنا في الأرياف ... المؤسف أن كثيراً من المساجد حالها يغني عن السؤال .. والمساجد بيوت الله جلّ جلاله لا يقتصر دورها على أداء الصلوات فهي منارات لتلقي العلوم الشرعية وحلقات تحفيظ القرآن والدعوة والإرشاد .. الإخوة الذين رفعوا شعار الله أكبر هي لله لا للسُلطة ولا للجاه لا وجود لهم في بيوت الله .. ونقول لهؤلاء : حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا [email protected]