بعث إلى بريدي الالكتروني مغترب سوداني من السعودية برسالة مقتضبة جدا لكنها الأقوى في اعتقادي لإنجاح الاعتصام القادم. هذا المغترب الذي آثر عدم ذكر اسمه بعث بكامل راتبه إلى السودان و طلب من صحفية نشطة آثر كذلك عدم ذكر اسمها بتوزيع الراتب على بعض بائعات الشاي ليمكثن ببيوتهن حتى لا يتأثرن بيوم الاعتصام لأنهن يعتمدن على رزق اليوم باليوم. لله درك أيها الإنسان السوداني و لله عظمتك .. من يزعم أن الذهب يصدأ .. من يزعم أن الحر يرضى الضيم و يقنع بالسجون و التنكيل؟ في قمة عنفواننا و اندفاعيتنا و رغبتنا الجامحة لإزاحة العصابة السرطانية لأجل سودان معافى .. تفوت علينا حقيقة أن مجموعة كبيرة من الشعب السوداني يعمل برزق اليوم و هؤلاء إن اعتصموا يوما تأثرت دخولهم لدرجة العدم دون أن ندرك أن لهم أبناء يفتقرون إلى اللقمة و الحليب. هذا أوان الشهامة .. كلنا يعرف حيث نسكن جيرانا لنا أصحاب حاجة ماسة إلى قوت اليوم و هؤلاء قطعا سيتأثرون بيوم الاعتصام حتى و إن خرجوا و حتى لا نحوجهم إلى الخروج، أهيب بكل شباب الأحياء بجميع مدن السودان العمل على تفقدهم و تقديم ما يلزمهم و إن قلّ على أن يكون ذلك في ليلة الأحد حتى نكفيهم حرج الخروج. و قطعا لن يفوت عليكم سرية إعطاء العطية فالنفس السودانية عزيزة كما تعرفون. لم أشعر قط بأنبل و لا أجمل من إحساس هذا التضامن الفريد .. شخص مجهول يرسل إلى مجهولين تدفعه وطنية خالصة إنجاحا لذلك اليوم. ماذا لو تعمم هذا المفهوم في كل أحياء مدن السودان .. نحصر أصاحب المهن الحرفية الأكثر حاجة و نخصهم بشيء مما جمعناه لهم؟ هؤلاء إن خرجن على قلتهن مدفوعات بحاجة لا تحتمل الإرجاء لسلطت ما تسمى بحكومة الإنقاذ الوطني عدسات تصويرها عليهن أن الحياة تسير على وتيرتها الطبيعية. غيابهن في ذلك اليوم سيترك ألف علامة استفهام لدى الزبائن المعتادين لديهن و لما تجمعوا و كل ذلك يصب في مصلحة القضية. إنها ساعة العمل و لا عمل بلا فكرة و النملة بقرصتها .. و لن تعقم رحم الأفكار طالما أن الرغبة بإزاحة هذه العصابة تتململ في دواخلنا .. هذه الفكرة البسيطة أشعرتنا بجماعيتنا و تضامننا .. هذه الفكرة البسيطة إن تعممت و إن شاء الله ستفعل .. ستقوي من ضربتنا لما يسمى بحكومة المؤتمر الوطني. [email protected]