لم نعد نأبه كثيرا بالبشير و لا بما يقول إلا من باب أنه يمثل ترمومتر نقيس به درجة ما بلغهم و أثر فيهم العصيان القادم و خير شاهد على ذلك ما تفلت به لسانه بكسلا. أما الخدمة المجانية الثانية التي قدمها فعليا البشير بخطرفاته أن العالم وقف و سيقف على أقوى دليل بأحقية ثوران الشعب السوداني على رجل يقابل فشل إدارته للبلاد بأساليب الصعاليك و الغوغاء و كبت الحريات بأبشع الوسائل. أما ثالث خدماته فتتمثل في إنكاره لحق شعبه بمطالباته بحياة كريمة و عدالة و رخاء. و هذا الإنكار يزيدنا تمسكا بقضيتنا أن الرجل ماض ليس في الفشل فحسب بل في كبت و مصادرة حقوق الشعب لمجرد اسماع صوته. إن كل ذلك الكم من الترغيد و التزبيد و التهديد لمعارضيه و تحديه لهم بالخروج إلى الشارع دليل بالغ أن تأثير العصيان وصل (اللحم الحي) و أنهم عاجزون بغير المواجهة المباشرة و يكفي عصياننا نجاحا قبل أوانه أن حُظِي – بفضل البشير - بتغطية إعلامية عربية واسعة واحدة من الأدوات الأساسية لتدعيم أركان العصيان و تزويده بوقود المضي بعزيمة و إصرار حتى النصر. و قد فعل إبراهيم محمود ذات الأمر عندما طلب المواجهة مع المعارضة في الشارع لا لشئ إلا لممارسة الإبادة و القتل مثلما يحدث في سوريا اليوم. و رقص على ذات الإيقاع حسبو أن ما يُثار عن العصيان كلام فارغ من فارغين. إنهم لعمري (يجلبغون) و إذ يفعلون إنما يفتلون حبال شنقهم إسدالا لستار عن مشهد قاتم سيئ دام على نحو ثلاثين سنة. حتما ستكون الأيام القادمة عصيبة جدا سيمارسون المزيد من التضييق و التهديد يهدفون بذلك تخويفنا و ردعنا عما عزمنا و عقدنا الرأي بتنفيذ الاعتصام يوم الاثنين من الاسبوع القادم و سيخلقون أعداء وهميين لمحاربتهم مثلما فعلوا بعد أن اجتاح الدكتور خليل أم درمان، قبضوا على أطفال مشردين أبرياء و أوسعوهم ضربا على أنهم من المتورطين. الرسالة التي يجب أن يعيها الشعب السوداني قاطبة أن النظام سيستفزنا بكل ما أوتي طمعا في خروجنا و لكن .. لا خروج .. لا تجمهر .. لا هتاف .. لا حرق .. لا رمي بحجارة .. لا شعارات و لا أي مظهر يأخذوه علينا .. كل المطلوب .. بقاء بالبيت و تواصل بالوسائط. لن يكون في مقدورهم اقتحام كل البيوت .. لن يسحبوا رخص كل المركبات العامة .. لن يحققوا مع كل الغائبين و إن فعلوا فلن يزيدوا على تقديم خدمة جليلة لقضيتنا أنها ماضية و أن تأثيرها بالغ .. مجرد استنفارهم لمجابهة خصم غير مرئي سيكلفهم الكثير و سيفرغ خزينتهم على فراغها. أرجوك أخي و أختي .. دعوا التلفت لما يقولون و لنصب الجهود في توسيع قاعدة العصيان .. بلغ .. عمم .. حرض .. استنفر و لو بتكرار. كسرتنا الثابتة إلْحَاقَاً لِلإعْتِصَامِ النَّاجِحِ وَ سَعْيَاً لِتَضْييقِ الخِنَاق عَلَى مَا يُسَمَّى بِحُكُوَمَةِ المُؤْتَمَرِ الوَطَنِي لِضَرْبِ قَادَتِهِ بِمَزِيْدٍ مِنْ الضَّغْطِ النَّفْسِيِّ الشَّامِلِ سَعْيَاً لإزَاحَتِهِمْ عَنِ السُّلْطَةِ، أُهِيْبُ بِكُلِّ أَحْرَارِ بِلادِي رِجَالاً وَ نِسَاءً وَ أخُصُّ الإعْلامِيينَ، القُرَّاءَ وَ المُعَلِقِينَ بِالتَّوَقّفِ عَنْ إلْحَاقِ صِفَتَي (الرَّئِيسِ وَ المُشِيْر) بِالعَمِيْدِ عُمَرْ حَسَن أحْمَدِ البَشِيْر لِعَدَمِ اسْتِحِقَاقِهِ وَ أهْلِيّتِهِ لَهُمِا وَ لِفَرْضِهِمَا عَلَيْنَا. و لأنَّ العَمِيد عمر البشير يُمَثِّلُ رَأْس النِّظَامِ فَإنَّ عَدَمَ الإْعْتِرَاف بِهِ بِالبَدَاهَةِ عَدَمُ الْإعْتِرَافِ بِكُلِّ نِظَامِهِ. [email protected]