لعله لا حديث هذه الأيام في الساحة السودانية على المستويين الشعبي و (الرسمي) غير تداعيات الأعتصام. بينما تقوى شوكة المعتصمين و تنداح دائرة الاستجابة و المشاركة بين المعارضين، زاد التوتر لدى المسؤلين و تضاربت أقوالهم بين مستخف و مهدد و لكن الجلي الواضح أن النظام أدرك خطورة العصيان كمهدد لإستمراريته و في ذات الوقت عاجز عن مواجهته بوسائله التقليدية التي يجيدها. السؤال الذي يطرح نفسه: ماذا بعد يوم 19/12 القادم؟ تشير كل التوقعات إلى نجاح كبير للإعتصام القادم و لكن قطعا لن تكون تلك محطة النهاية لأن الغاية هي إزاحة النظام بشكل نهائي و تشكيل حكومة وطنية خالصة مستصحبين كل السلبيات السابقة خشية عدم تكرارها. يرى البعض بممارسة مزيد من الضغط على النظام فبإلاضافة إلى العصيان يمتنع الشعب عن دفع الضرائب و أية رسوم مفروضة عليه من قبل الحكومة بأعتبار أن تلك المدفوعات لا تعود لمصلحته بل هي داعم للنظام و أجهزته في ممارسة المزيد الضغوط على الشعب. من وجهة نظري، أنا أؤيد هذا الرأي بعدم دفع أية رسوم أو ضرائب و حتى أولئك الذين يستقطعون من رواتبهم مباشرة قبل استلامها عليهم برفض ذلك و إيصال صوتهم بأي وسيلة كانت. فريق آخر يرى أنه في حال نجاح العصيان القادم، يخرج الناس إلى الشارع و يتوجهون إلى القصر مطالبين بتنحي الحكومة. إن حدث هذا و أرجو ألا يحدث فسيكون أكبر الأخطاء و سيجهض كل فكرة للمقاومة لأن النظام سيجد ذريعة لضرب المعارضة و تشتيتها. و من هنا أقول إن أية جماعة تخرج إلى الشارع للتنديد أو التظاهر هي لا تعبر عن الرأي العام المتفق عليه بعدم الخروج. الرأي الغالب و الأرجح و الأجدى هو تحديد تاريخ قريب جديد لإعتصام طويل المدى مع العمل على توسعة قاعدة المشاركين و الرفض عن دفع الضرائب و الرسوم. هذه الخطوة ستحاصر النظام و تجعله في عزلة و تسلط عليه الرأي العام المحلي و العالمي. ستوقف الدول المراقبة مشاريعها الاستثمارية – على قلتها - في السودان و هذا بدوره سيلقي عبئا جديدا على النظام. ستقوم السفارات و القنصليات المعتمدة بالخرطوم على عكس مردودات الوضع العام في السودان لدولها و هذا بجانبه سيعمل على مزيد من الضغط الدبلوماسي على النظام و عزلته خارجيا. قطعا ستتردى الأحوال الخدمية خاصة الصحية و الغذائية و هذا سينبه المنظمات المختصة في هذا المجال إلى تسليط الضوء على ما يحدث في السودان. يبقى الاعتصام و العصيان كخيارين فعالين على أن يزدادان شوكة و قوة بمرور الوقت حتى لا يتمكن النظام من التقاط أنفاسه و تجميع خططه و صفوفه و عندها سيجد النظام نفسه مرغما للتنازل لأنه سعيجز عن الإيفاء برواتب جنده أو تسيير دولاب العمل و عندها سيكون قد عدم كل الخيارات لبقائه غير المرغوب. [email protected]