اعتقلت سلطات الأمن السودانية رئيس حزب المؤتمر السوداني المعارض، بمدينة «النهود» غرب البلاد، تحت الادعاء بأن القبض جرى بناء على قرار اتخذته جهات عليا في الخرطوم. وقال نائب الأمين العام للحزب، مالك أبو الحسن، في مؤتمر صحافي أمس، إن قوة من الشرطة مسنودة بقوة من جهاز الأمن ألقت القبض على رئيس الحزب إبراهيم الشيخ من منزله بمدينة النهود، وفي أسرع إجراءات قضائية جرى اقتياده للمحكمة للإدلاء باعتراف قضائي في غياب محاميه. وأوضح أبو الحسن أن الشيخ بعد عودته من جولة تفقدية للمناطق الغربية من ولاية غرب كردفان في الساعة الثانية من صبيحة أمس (بتوقيت الخرطوم)، حاصرت قوة كبيرة منزله، وكان قائدها يحمل أمر قبض بتهم تتعلق بالتحريض على العمل العسكري، وتقويض النظام الدستوري، والإزعاج العام، وإشانة السمعة، وتصل عقوبة تلك التهم إلى الإعدام أو السجن المؤبد. وقال أبو الحسن للصحافيين إن اعتقال قيادة الحزب لن يثنيهم عن هدفهم المعلن وهو إسقاط النظام، وإن ملاحقات الأمن لن ترهبهم أو تدفعهم للمشاركة في الحوار مع نظام وصفه ب«المقبور»، وتوعد بمواصلة أنشطة الحزب مع حلفائه في «قوى الإجماع الوطني» لاستعادة الديمقراطية والحرية وإيقاف الحرب. وجدد الحزب تمسكه برفض المشاركة في الحوار الوطني، الذي دعا إليه الرئيس السوداني عمر البشير منذ يناير (كانون الثاني) الماضي. وقال في بيان أمس «لن نساوم ولن نهادن ولن نحاور»، في الوقت الذي أبدى فيه قلقه على سلامة مصير رئيسه وقيادته في مدينة النهود مما سماه «السياسة القمعية للسلطات». من جهته، وصف رئيس الهيئة العامة لتحالف قوى الإجماع الوطني المعارض فاروق أبو عيسى اعتقال الشيخ بأنه «تطور خطير في الساحة السياسية»، وفي الوقت ذاته نعى الحوار الوطني الذي دعا له الحزب الحاكم، وقال «ما يحدث نتيجة لقرار علمنا به، وهو أن النظام قفل ملف الحوار الذي دعا له». وأوضح أبو عيسى أن اعتقال الشيخ، وقبله اعتقال زعيم حزب الأمة الصادق المهدي، يمثل عودة نظام الحكم لما سماه «الردة عن الحوار الوطني» والعودة إلى «المربع الأول، مربع التصفيات والضرب ومواجهة زعماء القوى السياسية بالسجن وتشويه السمعة». وقال القيادي المعارض إن النظام لديه «دستور جاهز»، وإنهم يعملون على إعطائه الشرعية وتمريره على الناس والمجتمع الدولي. ودعا أبو عيسى الشعب للانتباه، وإلى تماسك قوى المعارضة للوصول لحلول مشكلات البلاد عبر التحاور السلمي، أو الانتفاضة الشعبية، كاشفا عن استمرار التنسيق بين تحالفه و«الجبهة الثورية» التي تعمل على إسقاط النظام عبر العمل المسلح. وكشف عضو هيئة التحالف المعارض ساطع أحمد الحاج عن تكوين لجنة للدفاع عن الشيخ مكونة من كبار المحامين السودانيين، وأبرزهم «فاروق أبو عيسى، أمين مكي مدني، علي قيلوب، كمال الجزولي»، وأن هناك 42 محاميا تطوعوا للدفاع عنه. وقال إن هيئة الدفاع تقدمت بطلب للنيابة للإفراج عن الشيخ؛ بيد أن النيابة رفضته، وأن الشيخ جرى اقتياده لمقر المحكمة لتسجيل اعتراف قضائي، بعد أن جرى منع محاميه من الحضور إلى جانبه، ثم أعيد مرة أخرى لحراسة الشرطة. ودان تحالف المعارضة في بيان اعتقال الشيخ، ورآه انتهاكا لمبدأ الحوار واستمرار للانتهاكات التي تؤكد أن النظام ما زال مصرا على مصادرة الحريات. ودعا البيان الذي تلاه على الصحافيين عضو هيئة قيادة التحالف محمد ضياء الدين لإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وإلزام الأجهزة بالدستور، وأوضح أن القوى المعارضة التي رفضت الحوار مبدأ تؤكد تمسكها بموقفها الذي أثبتت الأحداث صحته. ونعى حزب الأمة القومي بزعامة المهدي «الحوار الوطني»، ووصف الحديث عنه بأن «الزمن تجاوزه». وقالت القيادية بالحزب مريم الصادق المهدي، التي شاركت في المؤتمر، للصحافيين «الحوار تجاوزه الزمن، والحديث عنه مضيعة للزمن والوطن». وأضافت أن النظام باعتقاله للقادة السياسيين بدأ يهشم الدولة السودانية وأجهزتها وسمعتها. وأوضحت المهدي أن «قضية مريم، وتصريحات وزارة الخارجية بشأن التعاون العسكري مع إيران، وربط القوات المسلحة السودانية بقوات الدعم السريع، وتجاوز القوانين لصالح أشخاص بعينهم»، من أدوات تهشيم الدولة السودانية، وقالت «لن نسمح بتهشيم الدولة السودانية». ولأول مرة قالت المهدي بوضوح إن حزبها استعاد موقعه في التحالف المعارض بعد أن كان قد جمد عضويته فيه، وإن الباب قد فتح لتوحيد قوى المعارضة، معلنة عن شروع حزبها في التعبئة لإسقاط نظام الحكم. الشرق الاوسط