بلغت الصحف المصادرة والتي تم إيقافها فضلاً عن الإعتقالات والإستدعاءات وسط الصحفيين والصحفيات إلي نيابة الصحافة بالجزيرة بلغت حوالي (81) خلال التسعة أشهر الماضية.وكان جهاز الأمن قد صادر عدد (الأحد 14 سبتمبر 2014) صحيفتى(اليوم التالي) و(الأخبار) بعد الطباعة بدون أسباب،وظلت مصادرة الصحف مستمرة طوال الفترة الماضية، في وقت قارب فيه إستمرار إعتقال الصحفي بصحيفة (الجريدة) حسن إسحق المائة يوم مع تدهور حالته الصحيَّة، ورفضت سلطات السجن عرضه على أخصائي للكشف عليه، وعلاجه، حيث يشكو من آلام في قدمه اليمنى نتيجة تعرُّضه إلى تعذيب.ويواجه الصحفيون سلسلة من القيود والتضييق الحكومي، بجانب جملة من التهديدات في بيئة معادية لحرية الصحافة والتعبير والتي ظلت تتكرر بشكل لافت خلال الفترة الاخيرةً وتأخذ اشكالاً مختلفة منها ظاهرة الإستدعاء الأمني والاحتجاز، وملء استمارة عن البيانات الشخصية للصحفيين ,فضلاً عن التحقيق مع صحافيين سودانيين يعملون لصالح صحف محلية "مستقلة" و "ناقدة"، ولأولئك الذين يعملون لصالح صحف ووكالات أنباء عالمية، بينما خلت سجلات الصحافيين الذين يعملون في صحف "موالية". أساليب جديدة للرقابة : وتتجه المضايقات الأمنية علي الصحف ووسائل الإعلام في السودان لمنحىً جديد بعد أن حلّت الإستدعاءات الأمنية محل الرقابة المباشرة علي الصحف. الغريب أنَّ مصادرة الصحف أمس الأول جاءت عقب مرور أقل من أسبوع علي حديث نائب رئيس الجمهورية حسبو محمد عبدالرحمن الذى أعلن الثلاثاء الماضي وقف الرقابة القبلية التي تقوم بها الأجهزة الأمنية على الصحف. الجدير بالذكر أنَّ الحكومة وللسيطرة علي الاعلام أغدقت اموالاً طائلةً علي صحف بعينها لمنافسة الصحف المحترمة لإخراجها من السوق ووفَّرت لها الاعلانات الحكومية وغيرها ثم مارست بشكل (فظ) رقابة أمنية قبلية،،وبرزت مؤخراً حوادث الإعتداء المسلح علي الصحافيين داخل أماكن عملهم. وكان مسلحون مجهولون قد إقتحموا في رمضان الماضي مكاتب صحيفة (التيار) بوسط الخرطوم واعتدوا بالضرب المبرح علي رئيس تحريرها، عثمان ميرغني، قبل أن يلوذوا بالفرار.التهديد الآخر للصحفيين اطلقه وزير الاعلام احمد بلال مؤخراً حيث أكَّد إيقاف أي صحيفة تتجاوز الخطوط الحمراء، وكشف عن إتجاه حكومته لإنشاء محاكم خاصة بقضايا الصحافة لكبح كل من يتعدي على القوامة الكلية للدولة ولتسهيل سرعة البت في القضايا الصحفية.واشار بلال الي تكوين لجنة بمبادرة من الرئيس عمر البشير، ممَّثلةً من كل الأجهزة التنفيذية بالدولة للنظر والبت في المواد الصحفية المتعلقة بالفساد قبل نشرها.وقال وزير الاعلام كل من يتجاوز هذه اللجنة عليه مواجهة القانون . وقال: (إنَّ حكومته لن تكتفي بتعليق صحيفة (الصيحة) التي علق جهاز الامن صدورها بل ستعلق أى صحيفةٍ تتجاوز الخطوط الحمراء ). وكانت رئاسة الجمهورية قد أصدرت بياناً لها هددت فيه بلهجة صارمة، الصحف بتجنب التناول السالب الذي يمس أشخاصاً وأفراداً دون التثبت بالبيانات والوثائق واعتبر البيان أن هذا النوع من التغطيات تشهيرٌ واستباقٌ مخلٌ يحدث تأثيرات يجب أن تنآى عن أحداثها الصحافة والإعلام. موقع السودان فى ترتيب الحريات الصحفية : ويأتي السودان في مقدمة الدول المنتهكة للحريات الصحفية بحسب التقارير العالمية، وتمددت دائرة الأصوات الرافضة لتضييق الحريات الصحافية في السودان، حيث عبرت بعثة الاتحاد الأوروبي في الخرطوم عن قلقها على أوضاع حرية التعبير والحريات العامة في البلاد،وأقليمياً قال التحالف العربي من أجل السودان : (إنَّه ظل يرصد ويتابع بإهتمام وقلق التطورات السالبة في السودان، من اعتقالات تعسفية وتضييق على الحريات العامة، وأوضح أن هذا التصعيد من شأنه أن يقٌوض الحوار الذي دعت إليه الحكومة في أبريل الماضي. واعتبر التحالف ما قامت به الحكومة من إجراءات تعسفية يؤكد عدم جديتها في الحوار ،وعدم المصداقية في إتاحة الحريات،وفي تعليقها علي مصادرة الصحف أبدت شبكة الصحفيين السودانيين أسفها البالغ من زيادة أعداد الصحفيين والمراسلين الذين استدعاهم جهاز الأمن. وترى الشبكة إن الحصار الأمني المستمر على الصحافة يهدف لضرب مهنيتها ومصداقيتها. ودعت الشبكة في بيان صادر منها جهاز الأمن بالذهاب الى القضاء حال تضرره من أي مادة نشرت بالصحف المحلية أو الإقليمية أو العالمية،واعربت عن قلقها العميق من استمرار اعتقال الصحفي حسن اسحاق منذ العاشر من يوينو الماضي دون تقديمه لمحاكمة،وبحسب شبكة صحفيون لحقوق الانسان فقد قال رئيس تحرير صحيفة (اليوم التالي) مزمل أبو القاسم: (..تلقيت توضيحاً موجزاً من إدارة الإعلام بجهاز الأمن مفاده أن المصادرة تمت بسبب محاورة (اليوم التالي) لبعض قادة التمرد وإخراج، ونشر الحوارات بصورة تلميعية للشخص، وأن ذلك أمرٌ غير مقبول، وغير مبرر عند جهاز الأمن وسبق التنبيه له، وذلك حتى إن كان في الحديث بعضاً من الايجابية، لكن ذلك في إجماله أمر سالب في رأيهم).وجددت (جهر) رفضها لظاهرة مصادرة الصحف، وإستدعاء الصحفيين، وإستهدافهم بواسطة جهاز الأمن، مباشرةً أو عبر إستخدام مؤسسات أخرى (القضاء، النيابات، الشرطة) وقالت أن الإستمرار في خط إسقاط النظام وقوانينه الأمنية، وإحلال بديل ديمقراطي هو الطريق السليم، والضامن لتحقيق العدالة، وإعادة بناء، وتهيأِة، مناخ حُر وديمقراطي تؤدي فيها الصحافة رسالتها وواجباتها المُجتمعيّة، وتعمل فيه المؤسسات الصحفية بإستقلالية، ومهنية عاليتين. وفي المقابل أكد المجلس القومي للصحافة والمطبوعات تراجع نسبة توزيع الصحف خلال النصف الأول من العام الحالي مقارنة بالنصف الاول من العام الماضي ، وأعلن الامين العام لمجلس الصحافة والمطبوعات العبيد مروح عن تشكيل لجنة من ثمانية خبراء لاعداد دراسة ميدانية أستقصائية لمعرفة الاسباب الحقيقية لتراجع توزيع الصحف، وقال : (إنَّ نسبة التوزيع الفعلي للصحف بلغت (66%)من إجمالى المطبوعات وأن توزيع الصحف السياسية الشاملة بلغت نسبتها (64%) والصحف الرياضية (67%) والصحف الاجتماعية (71%) من أجمالي مطبوعاتها خلال النصف الاول من العام الحالي،وأضاف، نسبة التوزيع في النصف الاول من العام الحالي تراجعت مقارنة بالعام الماضي، وأشارالي ان نسبة التوزيع في الولايات لا تتعدي (40%) من أجمالي الموزع و العاصمة . وعالمياً يصنف المؤشر العالمي لحرية الصحافة، الذي أصدرته مراسلون بلا حدود هذا العام، السودان ضمن أكثر الدول الضالعة في انتهاكات حرية الصحافة، ويضع المؤشر السودان فى المرتبة (172) من جملة (180) دولة. الميدان