يعود الكاتب ميشال ويلبيك، الذي اعتاد إثارة الصدمات والسجالات في أعماله، بشكل صاخب إلى الساحة الأدبية الفرنسية مع صدور رواية جديدة له بعنوان "استسلام" (سوميسيون) تثير سجالاً محتدماً حتى قبل صدورها الأربعاء المقبل، إذ يطرح فيها سيناريو افتراضياً عن أسلمة فرنسا. وعلى الرغم من اعتبار ويلبيك كتابه الجديد قصة رمزية يفترض عدم الأخذ بها حرفياً أو اعتبارها استفزازاً جديداً للمسلمين، يبقى أن الرواية التي استوحى اسمها من الإسلام تثير ردود فعل حادة، على غرار المواقف حيال كاتبها نفسه الذي انقسمت المواقف حوله ما بين أقصى التمجيد وأقصى الكراهية. وقال مدير صحيفة ليبيراسيون اليسارية لوران جوفران حاملاً على رواية الخيال السياسي إنها "ستبقى محطة في تاريخ الأفكار تؤشر إلى غزوة - أو عودة - لنظريات اليمين المتطرف في الأدب الراقي". وهو يرى أن رواية هذا الكاتب الذي يعتبر من الأدباء الفرنسيين الأكثر شهرة في الخارج، "تصادق على أفكار الجبهة الوطنية التي ترفض الهجرة ودمج المسلمين من أصل غير فرنسي في المجتمع الفرنسي" . ويلفت برو الأستاذ في معهد العلوم السياسية في باريس إلى أن الإسلام الذي يعتبر ثاني ديانة في فرنسا بأتباعه الثلاثة إلى أربعة ملايين "لا يمثل سوى 10% من سكان فرنسا، وهذه النسبة لن تزداد حتى في حال تنامي الهجرة". وفي مقابلة نشرتها وسائل إعلام أميركية وألمانية وفرنسية أقر ميشال ويلبيك بأنه يلعب على وتر "الخوف" لكنه نفى أي "استفزاز" موجه ضد الإسلام، مؤكداً فقط أن كتابه بمثابة "تسريع للتاريخ". وقال باختصار معلقاً على روايته السادسة التي تصدر بطبعة أولى من 150 ألف نسخة "إنني أختزل تطوراً هو بنظري محتمل ". تبدأ قصة "الاستسلام" عام 2022 مع انتهاء الولاية الرئاسية الثانية للرئيس الاشتراكي فرنسوا هولاند في فرنسا مشرذمة ومنقسمة على نفسها، وفوز محمد بن عباس زعيم حزب "الأخوية الإسلامية" (من ابتكار المؤلف) على زعيمة الجبهة الوطنية مارين لوبن في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية، بعد حصوله على دعم أحزاب يسارية ويمينية على السواء. ويقدم الرئيس الجديد نفسه على أنه مسلم "مدافع عن القيم"، مثل المجتمع الأبوي وتعدد الزوجات ووضع الحجاب ولزوم النساء المنزل ووضع حد لحرية المعتقد واعتناق الإسلام، وتحويل السوربون، الجامعة الفرنسية العريقة إلى "الجامعة الإسلامية". وويلبيك البالغ من العمر 56 عاماً، والذي يتهم بكره النساء بل حتى بالعنصرية ومعاداة الأجانب، غالبا ما أثار سجالات عنيفة. ففي 2001 أشعل أزمة بإعلانه في مقابلة أن الإسلام "أحمق ديانة"، ولو أنه لطف الأمور لاحقا بالقول إن العبارة مجتزأة من سياقها. وهو يقول اليوم "القرآن أفضل مما ظننت، الآن وقد قرأته" ويضيف "لست مفكرا، لا أتخذ موقفا، لا أدافع عن أي نظام"، مؤكداً أن "كره الإسلام ليس نوعاً من العنصرية".