أوقفت شرطة محلية الخرطوم، عشرات المشاركين في الاحتجاجات التي اندلعت أمس الثلاثاء، بموقف جاكسون. وأفادت متابعات صحفية، أن عدداً من المعتقلين هم من الفريشة والباعة الجائلين الذين مُنِعوا من افتراش بضائعهم. وشنّت السلطات ضدهم حملات لمنعهم من مزاولة نشاطهم، تنفيذاً لقرار صادر من ولاية الخرطوم. وطبقا لمتابعات (مداميك) نفذ الفريشة أمس الأول، "الاثنين"، موكباً داخل السوق العربي وبموقف "جاكسون"، وأعقب ذلك تظاهرات أمس الثلاثاء تكررت فيها نفس السيناريوهات السابقة رفضاً للقرار. واتخذت السلطات موقع الاستعداد وفقاً لتمركز سيارات الشرطة التي انتشرت بكثافة بوسط الخرطوم وبالشوارع الرئيسية في خطوة استباقية منعاً لتفجر العنف اليوم أيضاً. واحتج الفريشة على مدى يومين بموقف جاكسون، بتسيير موكب وحرق الإطارات، وقابلت القوات الشرطية الاحتجاجات باستخدام القوة المفرطة (الاعتقال، الضرب، واستخدام الغاز المسيل للدموع بكثافة)، مما دفع أصحاب المحلات التجارية والمركبات والمواطنين لإخلاء السوق وسط حالة من الذعر والخوف، من تصاعد وتيرة الاحتجاجات، في ظل الأوضاع السياسية المحتقنة والوضع الأمني الهش. وأعلنت لجنة تنسيق أمن ولاية الخرطوم، اليوم الأربعاء، استمرار حملات تنظيم الأسواق بوسط العاصمة وتوفير مطلوبات الحملة من القوات المشتركة وموظفي المحلية مع مراجعة نظام التشغيل لضمان وجودها على مدار ال24 ساعة بالأسواق إضافة لعمل ارتكازات في مواقع تضم ممثلي كل الاجهزة الامنية وموظفي المخالفات. وعقدت اللجنة اجتماعاً برئاسة والي الخرطوم، أيمن خالد، شدد عبره على التعامل بحسم مع كل شخص يعترض الحملة وفقاً للقانون مع متابعة البلاغات القديمة المدونة بقسم شرطة الخرطوم شمال. وقال عبد الغفار إسماعيل، أحد الباعة الجائلين، ل(مداميك): "فوجئنا بدفارات وعمال المحلية أمس الأول، وهم يصادرون حاجياتنا في مشهد غير إنساني، وأعاد لنا ممارسات الحكومة السابقة"، وأضاف: "عند استفسارنا عن السبب تم توجيهنا للذهاب للمحلية، وعلمنا مؤخراً أن والي الخرطوم أصدر قراراً قضى بمنعنا من افتراش بضائعنا، بحجة تضييق الطرقات"، واستدرك: "نحن نعلم أن أوضاعنا غير مقننة، ومن هنا ندعو السلطات لتوفيق أوضاعنا نظراً للظروف المعقدة وحاجتنا الماسة للتكس". ووصف عبد الغفار قرار الوالي بغير المنصف، والذي جعلهم ما بين سياط المعاناة وعسف السلطات، التي لم تمنحهم مهلة لتوفيق أوضاعهم، وإيجاد بدائل تؤمن لهم لقمة العيش – على حد قوله. وتشهد البلاد أوضاعاً اقتصادية وموجة غلاء خانقة، بموجب تنفيذ سياسات صندوق النقد والبنك الدوليين، والتي تقتضي المرور بجراحات صعبة حسب ما أقر به رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك، وفي ظل هذه المتغيرات، تضاعفت معاناة المواطنين، والفريشة والباعة الجائلون ليسوا استثناءً من هذا الواقع الذي يتطلب دراسة وتوفيق أوضاع وإيجاد بدائل عاجلة، بدلاً عن الرجوع للقوة واستخدام السلطة بشكل غير لائق، والبلاد تخطو أولى عتبات التغيير والتأسيس لدولة العدالة والمساواة. وانتقد مراقبون الوضع ورأوا أنه كان ينبغي أن يتم إعطاؤهم مهلة أسبوع ومن ثم يتم إخلاؤهم بالقوة حال رفضهم. فيما يرى آخرون أن القرار يساعد في عملية ترتيب الأسواق، ويمنع التكدس والزحام والتفلتات التي أضحت تتكرر من وقت لآخر، فضلاً عن تذمر أصحاب المركبات العامة من انتشار الفريشة والباعة داخل ممرات موقف (جاكسون) للمواصلات. وشكا سائقو المركبات من ازدحام الممرات المخصصة داخل جاكسون بالفريشة، مما يُصعّب حركة المركبات. وقال أحد السائقين، إن انتشار نقاط البيع داخل مسارات نقل الركاب يضطرهم لشحن حافلاتهم من خارج الموقف تجنباً للاحتكاك مع الباعة وكسباً للوقت. وناشد عدد من سائقي الهايس محلية الخرطوم التدخل لتنظيم الفريشة لتسهيل عملية سير المركبات داخل الموقف لضمان سلامة الركاب والمشترين. وقال المدير التنفيذي لمحلية الخرطوم، أحمد السماني، إن حملة إزالة المحلات غير المرخصة و(الفريشة) عن مداخل ومخارج الأسواق في موقف (كركر) والسوق العربي ضرورة لحفظ أرواح وممتلكات المواطنين. موضحاً أن حملة المحلية ستتواصل إلى ما بعد عيد الأضحى، وأضاف: (المحلية لن تسمح باستمرار المخالفات والأنشطة العشوائية في الأسواق والتعدي على حرية المواطنين وحقهم في التسوق الآمن). وأشار السماني إلى تشكيل لجنة من المحلية لحصر (الفريشة) بالوحدات الإدارية، ومعالجة وتنظيم العمل بصورة منظمة بالأسواق البديلة وعبر الاستعاضة بمجسمات مدرجة طولية، لا تشغل حيزاً كبيراً في مواقع بديلة تحت إشراف المحلية لمعالجة أوضاع الفريشة بصورة منظمة تحافظ على نظافة الأسواق وانسياب الحركة. يذكر أن موقف جاكسون يشهد انتشاراً كثيفاً لبيع الملابس والأحذية والدرداقات المتخصصة في بيع "المنقة والتبش بالشطة والأقاشي والفواكه والخضروات"، بصورة مُخالفة للاشتراطات الصحية. وعلى الرغم من ذلك تجد تلك المفروشات إقبالاً واسعاً من المواطنين لانخفاض سعرها، وتماشياً مع الوضع الماثل. مداميك