اختار حزب العمال المعارض في بريطانيا، أمس، الوزير السابق إد ميليباند، زعيما جديدا، في عملية انتخابية تفوق فيها على شقيقه ديفيد بفارق بسيط. وأعلن عن فوز إد، كخليفة لغوردون براون، في مدينة مانشستر (شمال غربي إنجلترا)، حيث يعقد الحزب المعارض مؤتمره السنوي اليوم. وجرى اقتراع الزعيم الجديد للحزب من خلال عملية معقدة، شاركت فيها ثلاث هيئات انتخابية، خصص لكل منها ثلث الأصوات (أعضاء الحزب ال160 ألفا، ونواب مجلس العموم والبرلمان الأوروبي، وأعضاء النقابات والمنظمات المنضوية فيها). وتم عزل المرشحين الخمسة في غرفة خلال فرز الأصوات النهائي، وذلك عشية افتتاح مؤتمر حزب العمال السنوي في مانشستر. وفي النهاية، حصل إد على 50.65 في المائة من الأصوات، مقابل 49.35 في المائة من الأصوات لشقيقه ديفيد، في الجولة الأخيرة من الاقتراع. وفاز إد الأقل خبرة، الذي يعتبر أكثر ميلا إلى اليسار من شقيقه، بأصوات أعضاء النقابات التي تشكل ثلث الهيئة الانتخابية. وتنافس ثلاثة مرشحين آخرين، هم إد بالز، وزير المدارس السابق، والنائبة ديان أبوت، ووزير الصحة السابق، إندي برنام، لخلافة براون، الذي تنحى بعد هزيمة الحزب في انتخابات مايو (أيار) الماضي. وتعهد إد بطي صفحة العهد الإصلاحي لتوني بلير في الحزب، معتبرا أن الحزب خسر الأصوات، لأنه ابتعد عن قيمه التقليدية. وقال إد في كلمته، إن غزو العراق عام 2003 تسبب في تراجع الثقة في حزب العمال، وتعهد باستعادة تلك الثقة من الرأي العام البريطاني. وقال إد أيضا: «لم أتخيل أبدا أنني سأقود يوما هذا الحزب». وكان إد ميليباند، وزير الطاقة السابق، شدد على أن حزب العمال ابتعد عن قيمه التقليدية، ودعا خلال حملته إلى حزب أكثر راديكالية وحتى «مثالية». وفوز إعلان فوزه، قام إد (40 عاما) بمعانقة شقيقه ديفيد (45 عاما) الذي كان فوزه هو المرجح قبل 24 ساعة فقط. ثم خاطبه بكلمات عاطفية قال له فيها: «ديفيد، أحبك كأخ وأكن احتراما بالغا للحملة التي خضتها». وأضاف: «لقد علمتنا الدرس الأهم، ومفاده أننا نستطيع أن نكون حزبا يصل إلى الناس، ونستطيع أن نكون حزبا جادا يعود للحكم» مستقبلا. وواصل إد مخاطبة شقيقه الأكبر الذي بدا هو الآخر يقاوم احتواء مشاعره، قائلا: «كلنا نعرف كم يتعين علينا أن نقدم لهذا البلد في المستقبل». وكانت وسائل الإعلام البريطانية تحدثت صباح أمس عن أن المراهنين يعتبرون إد الأوفر حظا، بعد أن كانوا راهنوا على فوز ديفيد قبل يومين. ووجه ديفيد ميليباند رسالة إلى أنصاره حثهم فيها على الاصطفاف وراء شقيقه. بدوره، وجه رئيس الوزراء ديفيد كاميرون تهانيه إلى إد في بيان، إلا أنه كان هون في وقت سابق من التحدي الذي يمثله كل من الشقيقين إد وديفيد. وانتخب حزب العمال زعيمه الجديد أمس بعد أربعة أشهر من تكبده هزيمة انتخابية. ويشهد حزب العمال، الذي هزم بعد 13 عاما في الحكم، في انتخابات مايو الماضي، انقسامات حول الاستراتيجية التي يتعين اعتمادها لاستعادة سلطة بات يشغلها تحالف الديمقراطيين - الأحرار والمحافظين. وأفادت صحيفة «ديلي تلغراف» أمس بأن فوز إد، إذا حدث، سيكون «ضربة قاسية على الصعيدين الشخصي والسياسي» لشقيقه الأكبر، الذي قد يقبل مع ذلك العمل تحت قيادة شقيقه الأصغر في «حكومة الظل» المعارضة، في منصب وزير الشؤون الخارجية. وشدد الشقيقان خلال الفترة التي سبقت إعلان النتائج، على أن علاقتهما الأخوية فوق كل شيء. وقال توني ترافرز، الخبير السياسي في مدرسة لندن للعلوم الاقتصادية قبل إعلان النتائج، إنه مهما كان الفائز سيتعين عليه أن يوفر منصبا للمهزوم «وإعادة الحزب إلى قلب الساحة السياسية». وأضاف الخبير أن «بريطانيا ديمقراطية الوسط»، وأن «حزب العمال لن يفوز إذا لم يتمركز بشكل واضح في وسط الحلبة السياسية». وقدم ممثلون عن الأقلية المسلمة في بريطانيا، تهانيهم لإد. وقال أحمد فيرسي، محرر دورية «مسلم نيوز»، في بيان أرسل إلى «الشرق الأوسط»، إن مطبوعته توجه تهانيها إلى إد ميليباند بعد انتخابه زعيما جديدا للعمال. وأضاف فيرسي أن «حزب العمال يواجه تحديا فوريا يتمثل في تجسيد معارضة فعالة للتحالف الحكومي المشكل من المحافظين مع الليبراليين الديمقراطيين، وإننا نتمنى له النجاح في قيادة هذه المهمة الشاقة». وأفاد استطلاع أعدته مؤسسة «يوغوف»، ونشرت نتائجه أول من أمس، بأن نسبة تأييد حزب العمال ارتفعت إلى 39 في المائة، أي إلى مستوى المحافظين للمرة الأولى منذ ثلاث سنوات، وذلك في حين يشعر الرأي العام بالقلق من ضخامة الخفض في الميزانية، الذي قررته الحكومة الائتلافية الحالية.