٭ كما فقدناه خلسة.. تمر الأيام خلسة وتدور وتبقى ذكراه التي عطر بها الدنيا عندما كان يدخل عوالم يُمنها ويقدم بيمينه ما لم تدر به شماله في اريحية وطيب خاطر ميزت شخصه ومكتبه وعالمه المستمد من الأصالة والكرم المشهود ل (أربجي) تلك المدينة التي حملها في أعماقه يحط بها رحاله ورحال زاملته ويغادرها وهي في القلب (بعد) تمثل (بُعداً) أعمق وأشمل لرمزية المكان الذي عشقه وتلمس فيه علاقات الطفولة والصبا فبادله وجداً بوجد كسا به ملامح حياته رغم قصرها إذ أهدته المدينة تواصلاً جماً جعل من الإلفة عنواناً لحياة المحامي الذي فقدناه وهو في ريعان شبابه. ٭ نجم الدين محمد نصر الدين المحامي المعتق والاديب والسياسي والكاتب والصحافي عشق الوطن وكتبه على دفاتره وأوراقه وفي صفحة قلبه الندي.. حمل همومه ومشكلاته وغاص في مجتمعه واقتنص من وجوده فيه فرصة لتتويج هذا الحب الذي اضفى به نجم الدين على حياة معارفه، وهم كثر، لونا من جمال عجز كل تشكيليي العالم رسمه لتفرده وسبقه في ضروب العلاقات الاجتماعية. ٭ كان نجم الدين نجماً وقمراً وشمساً وملكاً لمملكة كاملة ينثر عبير الكلم بين (أمته) يهدهد الصغير ويمسح دمعة الكبير يمشي بين الناس واهباً الفرح والخير ومانحاً الضحكة السارة القادمة من القلب البريء.. ٭ كان (النجم) الزاهد في امتلاك الاشياء، إلا ما هو قائم على المشاركة بين الناس الذين هم أكثر حاجة لشيء ما لذلك اشتهر وعرف بخصال (دودة القز) التي تكسو الناس حريراً وتفني بلا دثار وليكن دثاره اليوم دعوات صالحات تترافق مع جليل أعماله التي خلفها وحسن سيرته وطيب معشره ونقاء سريرته التي جمعت حوله العشاق و(الحيران) ان جاز القول.. ٭ نجم الدين ورغم الغياب ظل حاضراً يعلن ذلك ابنه محمد وابنته عزة اللذان ينهلان من كأس نجم الدين النبل والتفوق الذي ازدانت به حياة محامينا المفوه الذي وضع الورود في قناني الجميع بلا استثناء فاستظلت ب (غمام) غني ثر حكى وجود نجم الدين ولكنه الآن يحكي رحيله المر الذي ترك فراغاً لم تستطع أن تملأه مسافات الالتحام من بعده.. ٭ تظل وتبقى (أربجي) المحبوبة التي تربعت على قلب نجم الدين والتي كان يشرع لها الأبواب ويكتب لها القصيد يدثرها به فيتدثر هو بدفئها الممتد داخل جسده الذي أبى إلا أن يضمه ثراها وتطأه أقدام زميلاته وزملائه وأصدقائه في إحياء ذكراه الأولى والتي تقام في مدينته المعتقة (أربجي) يوم الجمعة العاشر من ديسمبر. ٭ همسة: بين الرحيل والإياب مدائناً تنزف.. جروحاً من عذاب.. فترتوي أرضي بلوعة الشجن المقيم يا حاطباً في الليل أجنحة الرحيل.. وداعاً فالقلب بعدك ينطوي على عمق المصاب..