شرفني الصديق النيل المريود مدير راديو الرابعة باختياري مع البروفيسور عوض ابراهيم عوض لنشاركهم اختيار أفضل مذيع في راديو الرابعة، احتفال صغير في محتواه لم يتجاوز عدد الحضور العشرة أشخاص وكان في مقر الاذاعة الضيق الذي يتكون من ثلاثة مكاتب واستديو وصالة.. ولكنه كبير في معناه لكنه حكى اهتمام الاذاعة بالشباب الذين يعملون بها واسعدني اختيار المذيع المتميز خالد السباعي كأفضل مذيع مع زميلته الاستاذة نبراس الهادي وهما يقدمان برنامج (وابتسم الصباح) الذي وقع الاختيار عليه كأفضل برنامج وتم تكريم أيضاً فريق مذيعي ومذيعات راديو الرابعة، استمتعنا خلال هذا الحفل الصغير بالكلمة العميقة التي قدمها البروفيسور عوض ابراهيم عوض الذي قدم نصائح من ذهب للمذيعين من واقع تجربته الاعلامية الثرة وأثنى على تجربة راديو الرابعة وقال انها بأقل الامكانيات المادية والبشرية تصنع الابداع ولم يخلُ حديث عوض من قفشات وروى لنا القفشة التي ذكرها الاستاذ الفاتح الصباغ أن أحد مديري التلفزيون السابقين قابل الصباغ ذات يوم وأخبره انه تم تعيينه مديراً للتلفزيون ولكنه خائف لأنه سمع أن هناك حفر ومؤامرات ودسائس وهو يخشى أن يحفر له أصحاب المؤامرات حفرة وكان رد الصباغ (هي الحفرة جاهزة بس تعال أقع فيها)! وعندما جاء دوري بالحديث قلت انني أنظر لتجربة راديو الرابعة كتجربة ناجحة في عالم الاعلام المسموع وهذا لم يأت من فراغ وانما بجهد حقيقي بذله الشباب هناك وتتميز الرابعة (ببصمة الصوت) وبرامج خفيفة جاذبة ويقف خلفها الأستاذ النيل المريود وقد عاصرت الأخ النيل في العصر الذهبي لهيئة اذاعة وتلفزيون الخرطوم عندما كنت أعمل مديراً للعلاقات العامة والاعلام وأعرف جديته واخلاصه في العمل ولهذا ليس مستغرباً أن يقود الرابعة إلى هذه النجاحات.. فرغم عدم الاستقرار في ساحة اذاعات (الاف ام) وتراجع محتوى ومضمون بعضها وتوقف أخرى وانحياز الاذاعة القومية لبعض اذاعاتها (الاف ام) وتحولها إلى منافس للقطاع الخاص، إلا أن الرابعة ظلت صامدة وسط هذه الرياح وتحافظ على نسبة عالية من المسموعية. وهذه الاذاعة ذكرتني بمقولة البروفيسور علي شمو الذي قال ان بداياتهم في الاذاعة السودانية كانوا يعملون في (اوطين وبرندة) والرابعة أشبه بذلك شقة صغيرة وطاقم محدود من الشباب ، وضرب الأخ عوض مثالاً وقال انه ذات يوم كان ضيفاً في الاذاعة فكان المذيع خالد السباعي يعد المادة ويقدمها ويقوم بالتجهيزات الفنية. وبالاضافة إلى ذلك أكرمه بتقديم العصير بنفسه انها همة الشباب وحرصهم على الابداع، اقترح أن يواصل راديو الرابعة اتاحة الفرصة للخريجين الجدد في كليات الاعلام ليقدموا ابداعهم وان يجدوا فرص للتدريب من كبار الاعلاميين بالاضافة إلى دورات متخصصة قصيرة داخل وخارج السودان. واقترح أيضاً أن تصبح هذه الجائزة نصف سنوية لاختيار أفضل مذيع في الاذاعة لأن ذلك يخلق التنافس ويطور العمل، من وجهة نظري ان راديو الرابعة قدم بياناً بالعمل ان الامكانيات ليست كل شيء في العمل الاعلامي، واننا بقليل من المال وكثير من الابداع والخيال يمكن أن نصنع النجاح ومن هذه الشقة الصغيرة بمدينة الخرطوم بحري تتفجر الابداعات والاشراقات لأن هناك جو معافى للابداع وهذا أهم من المال، وأضم صوتي لصوت الأخ عوض ابراهيم عوض بمطالبة المذيعين والاعلاميين في راديو الرابعة بضرورة الحفاظ على الجو المعافى لأن الوسط الاعلامي أمراضه كثيرة من الحسد والغيرة و(أوعى من الحفر)! أرجو أن يواصل راديو الرابعة مشواره الأخضر بنفس الحماس والرؤية ويستلهم أفكارا لها سيقان لمزيد من التجويد والتطوير لأن العمل الابداعي لا يعرف السكون وان يرنو نحو أفق بعيد!