بدأت حالة تململ واضحة في المشهد الانتخابي، خصوصاً من قبل عدد كبير من المرشحين الذين يعتقدون أن هذه الحالة تسبب فيها الارتباك والاخطاء الفنية والخروقات التي وقعت في الايام الاولى لعملية الاقتراع، مما دفع بعدد من المرشحين الى الانسحاب من السباق، فيما تراجع البعض الآخر بعد ان اقرت مفوضية الانتخابات بالاخطاء وبدأت بالفعل في تصحيحها، في وقت طالبت قوى الاجماع الوطني المشاركة في الانتخابات، المفوضية القومية بإيقاف الانتخابات في كافة انحاء السودان حتى تتمكن من معالجة الاخطاء وتجويد عملها، وهددت بمقاطعة العملية حال عدم الاستجابة لمطالبها، بينما وصل عدد المرشحين المقاطعين للانتخابات في المستويات المختلفة إلى أكثر من 25 مرشحا في المستويات الانتخابية المختلفة، بينهم 13 من الحزب الاتحادي الديمقراطي. وأعلن هؤلاء في رسالة وجهوها إلى زعيم الحزب مولانا محمد عثمان الميرغني، بأنهم لا يستطيعون الاستمرار في العملية بسبب الفوضى الانتخابية. وعاد إلى السباق المرشح المستقل رئيس تحرير صحيفة «السوداني» الأستاذ محجوب عروة، كما تراجع آخرون عن الإنسحاب بعد أن اقرت المفوضية القومية بالإرتباك الذي صاحب عملية الاقتراع واجملت التجاوزات في 26 مركز اقتراع، بينما يرى مراقبون أن الانسحابات التي جرت بعد اليوم الأول استفادت من حالة الارتباك الواسعة في اتخاذ مواقف «تكتيكية» بالانسحاب المعلن وخوض السباق فعليا، حيث ينص القانون على أن توقيت محدد للانسحاب لا يتضمن التوقيت الذي تجرى فيه عملية الاقتراع، مما يتيح الفرصة للمرشحين خصوصا اصحاب الحظوظ الضعيفة في تبرير حجم الاصوات التي حصدوها في نهاية السباق، وهي بالتالي حفظ لماء الوجه، وربما تكتيك قصد منه التمويه لمنافسيهم المشاركين الآن في السباق على مستوى الدوائر الجغرافية. ويخشى مراقبون للانتخابات، أن تؤدي المشكلات المتكررة في عملية الاقتراع الى انسحاب مزيد من المرشحين، مما يزيد من الشكوك حول مصداقية العملية، ويشيرون الى أن استمرار الخروقات في عملية الاقتراع يدعم مواقف القوى السياسية التي انسحبت قبل البدء في العملية (حزب الامة القومي، الحزب الشيوعي، حزب الامة - الاصلاح والتجديد- ومرشحي الحركة الشعبية للرئاسة وشمال البلاد). ويؤكد ذلك، ما اشار اليه مرشحا رئاسة الجمهورية المنسحبان (ياسر عرمان ومبارك الفاضل) في مؤتمر صحفي أمس الاول، حيث وصف الجانبان عملية التصويت بأنها «تمثيلية هزلية» تضمنتها خروقات واضحة ومحاولات تزوير وفشل اداري، ودعيا الناخبين الى مقاطعة العملية برمتها، كما حرضا المرشحين الى الانسحاب وعدم اكمال السباق بعدما ظهر أن مرحلة الاقتراع «مضروبة». لكن مرشحين في دوائر جغرافية إكتفوا بالتهديد بالانسحاب من العملية، وطالبوا فقط بمعالجة الاخطاء وتجويد عمل موظفي المفوضية، وسلمت القوى التي تضم اربعة احزاب هي الاتحادي الديموقراطي الاصل والمؤتمر الشعبي والتحالف السوداني والمؤتمر السوداني ، مذكرة للمفوضية تتضمن «الخروقات وعمليات التزوير الكبيرة» التي صاحبت العملية و اعتبرت ان تمديد الاقتراع ليومين غير مقبول. وقال الرئيس المناوب للحملة الانتخابية للحزب الاتحادي الديمقراطي الاصل علي السيد في مؤتمر صحفي للمشاركين في الانتخابات، ان الحزب سلم المفوضية مذكرة تحتوي على كافة الخروقات والتزوير الذي صاحب العملية الانتخابية ،وقال ان الحزب سيقرر اليوم موقفه من المشاركة او مقاطعة الانتخابات، واوضح ان المذكرة طالبت المفوضية بإيقاف الانتخابات في كافة انحاء السودان حتى تستقر «ولتجويد عمل المفوضية»، موضحاً ان المفوضية وعدت بالرد. واوضح السيد ان الخروقات تتمثل في اختلاف السجل وسقوط الاسماء واستمرار الحملة الانتخابية للمؤتمر الوطني والتهديد والترغيب ،و تغيير الصناديق ومنع الوكلاء من حراستها. واعتبر محمد فاروق سليمان، من حزب المؤتمر السوداني ان تمديد الاقتراع ليومين غير منصف ،مشيراً الى ان الاخطاء والتزوير لاتزال مستمرة. في المقابل، قال مصدر للحزب الاتحادي الديموقراطي «الاصل» إن 13 من الحزب أعلنوا انسحابهم من العملية في رسالة وجهوها إلى زعيم الحزب مولانا محمد عثمان الميرغني، وأكد هؤلاء بأنهم لا يستطيعون الاستمرار في العملية بسبب الفوضى الانتخابية. وذكر المصدر أن انسحاب المرشحين وجميعهم من دوائر في مدينة أم درمان، سيتم النظر فيه من خلال أجهزة الحزب. وقال إنهم رصدوا فوضى متناهية في الدوائر الجغرافية، منها مثلا أن سجلات الناخبين في إحدى دوائر منطقة «الكدرو» في الخرطوم بحري، ذهبت إلى منطقة الصافية في المدينة نفسها، وبطاقات الاقتراع الخاصة بمركز شمبات في الخرطوم بحري، وجدت في الحلفايا، وأن الناخبين الذين يذهبون إلى هناك لا يجدون أسماءهم، أو يجدون المرشحين تغيروا. وتدعم مواقف الانسحاب منظمات ظلت تراقب وترصد العملية منذ يومها الاول، حيث قالت شبكة «تمام» المكونة من اكثر من مائة منظمة سودانية، إن تمديد فترة الاقتراع يومين لن تعالج الخروقات والاخطاء الفنية التي وقعت خلال اليومين السابقين لعملية الاقتراع، ودعت الى اعادة الانتخابات في الدوائر التي وقعت فيها اخطاء تتعلق بالسواقط واللبس والخلط في اسماء السجل الانتخابي واسماء ورموز المرشحين في بطاقات الاقتراع، ورأت أن اعتراف المفوضية القومية للانتخابات بوجود تجاوزات في 26 مركز اقتراع يجافي الحقائق، وقالت إن تقارير المراقبين أكدت أن الخروقات والتجاوزات منتشرة على نطاق واسع، واضافت شبكة «تمام» أن قرار تمديد ايام التصويت لن يجدي في حال لم تتم خطوات عملية لمعالجة الاخطاء الفنية والخروقات الانتخابية. واعتبرت الشبكة التي قامت بنشر 3000مراقب في 9 ولايات، أن اليوم الثاني للاقتراع ساد فيه الهدوء بصورة عامة وشهد تعاونا من قبل لجان الاقتراع مع المراقبين ووكلاء الاحزاب، الا ان بقية الاجراءات لم تضف جديدا الى مصداقية الانتخابات. ورصد مراقبون للشبكة، اشكاليات وخروقات في مراكز مختلفة في انحاء البلاد، وتشمل عدم السماح لوكلاء الاحزاب والمرشحين بحراسة الصناديق ليلا، فضلا عن عدة مخالفات لقانون الانتخابات، ورصد لاستخدام موارد الدولة في الدائرة شرق برج الفيحاء حيث استخدمت سيارة حكومية في نقل ناخبين من القوات النظامية. وترى عضوة اللجنة ماجدة عثمان، أن تمديد ايام الاقتراع يمكن أن يهدد العملية برمتها ويتيح فرصة لابداء الشكوك والظنون حول نزاهة العملية، وأضافت أن انسحاب بعض الاحزاب السياسية، ساهم في غياب عدد كبير من المراقبين المدربين، مما ادى الى اضعاف الرقابة بشكل عام، بينما قال العضو شمس الدين ضو البيت إن هنالك خروقات عديدة في العملية لم يتم رصدها، وذكر أن المراقبين لاحظوا تناقص معدلات الاقبال على مراكز الاقتراع في الدوائر التي شهدت خروقاتٍ كبيرة.