تواجه دولة السنغال ضغوطا دولية شديدة تضعها فى طائلة العقوبات بعد ادانتها من قبل محكمة «العدل الدولية بلاهاى» بحجة خرقها للالتزامات الدولية وايوائها الرئيس التشادى السابق حسين حبرى الذى تستضيفه فى العاصمة داكار منذ الاطاحة به عام 1990، ويواجه حبري اتهامات بارتكابه أعمال تعذيب وجرائم ضد الانسانية لما زعم عن تدبيره قتل اكثر من 40 ألف شخص بينما كان في السلطة على مدى ثمانية اعوام في تشاد. وقطعت محكمة العدل الدولية بأن السنغال قد خرقت التزاماتها الدولية بعدم مقاضاة الزعيم التشادي السابق حسين حبري أو تسليمه الى اى بلد آخر على استعداد للقيام بمحاكمته على الجرائم التى ارتكبها، وعدم متابعتها لتلك الاتهامات، وقضت المحكمة فى لأهاى بحكم نهائى ملزم بأن السنغال خرقت اتفاقية الأممالمتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من المعاملة أو العقاب القاسي أو اللا إنساني أو المهين لعام 1984. والجدير بالذكر ان دولة بلجيكا هى من أقامت الدعوى أمام محكمة العدل الدولية، أعلى هيئة قضائية بالأممالمتحدة، في عام 2009 بعد تجاهل السنغال لطلباتها الملحة بتسليم الزعيم التشادى السابق حسين حبري لمحاكمته فى أراضيها بتهم وجهها اليه مواطنون يحملون الجنسية البلجيكية من أقرباء ضحايا تلك الجرائم. وتتصرف بلجيكا على أساس قانون مثير للجدل يطلق عليه اسم «الأهلية العالمية»، والذي يمنح بلجيكا الولاية القضائية على انتهاكات حقوق الانسان في جميع أنحاء العالم طالما يمكن اقامة الصلة بين تلك الجرائم وبين بلجيكا. ومن جانبها رحبت الحكومة البلجيكية بقرار محكمة العدل الدولية ، وقالت في بيان «انها أكدت لأول مرة، وعلى أعلى مستوى قضائي في العلاقات الدولية - أي محكمة العدل الدولية - التزام الدول بمكافحة الافلات من العقاب في أخطر الجرائم المنصوص عليها في القانون الدولي». ويوضح الخبير فى الشئون الافريقية السفير عثمان محمد عثمان ضرار ان محكمة العدل الدولية من اختصاصاتها محاكمة الدول وليس الأفراد وفقاً لميثاق الأممالمتحدة . وقال ضرار ل «الصحافة» الملاحظ ان ان محكمة العدل وجهت اتهاماتها للسنغال ولم تتطرق الى الحديث عن الزعيم التشادى السابق حسين حبرى وانما أدانت بصورة مباشرة السنغال لاستضافتها لحبرى وعدم محاكمته او تسليمه للدول التى تمتلك ادوات المحاكمة وطالبت به، الا انه قال ان من حق أية دولة استضافة من تريد ومنحه الاقامة فى أراضيها او اعطاء اللجوء السياسى للجماعات والأفراد او الهاربين من الاضطهاد والعنف وفق القانون الدولى. واوضح ضرار ان محكمة العدل تمارس صلاحياتها استناداً على الرأي الاستشارى من الأممالمتحدة الا انها لاتمتلك آليات تنفيذ العقوبات وتحيلها الى مجلس الامن الدولى والذى بدوره يصدر قرارا ملزما للسنغال بمحاكمة حبرى او تسليمه لبلجيكا. وقال ضرار فى حال لم تلتزم السنغال بتنفيذ قرارات المحكمة فانها فى الأغلب ستواجه عقوبات دولية فى طائلة البند السادس كمرحلة اولى بفرض عقوبات اقتصادية وضغوط سياسية على بعثاتها الدبلوماسية، واضاف يمكن ان تتطور العقوبات الى الفصل السابع الذى يتيح التدخل العسكرى. وأشار ضرار الى ان باب التدخل الدولى بات متاحاً فى السنغال بحجة استضافتها للرئيس التشادى السابق حسين حبرى الذى يواجه تهم ممارسة التعذيب والاضطهاد وتدبير قتل حوالى 40 الفاً من التشاديين اثناء فترة حكمه، ما يفتح ابواب تدخل المحكمة الجنائية الدولية ايضاً. الا ان الخبير القانونى الدكتور الدكتور كمال اديب يقول ان ادانة محكمة العدل الدولية للسنغال لن تأخذ طريقها للتنفيذ الا اذا تحققت ثلاثة شروط اهمها ان تكون السنغال ألزمت نفسها بقبول اختصاصات المحكمة الدولية بصوره مفتوحة، او قبلت اختصاصها فى هذا النزاع تحديداً، او ان يكون بينها وبلجيكا اتفاق بتسليم مرتكبى الجرائم وأخلت بالاتفاق. وقال اديب ل «الصحافة» اذا لم يتحقق واحد من هذه الشروط تصبح الادانة من غير معنى، واشار الخبير القانون الى عدد من الدول تتبنى قانون «الاختصاص العالمى» فى ملاحقة الجرائم الانسانية مثل بلجيكا واسبانيا والأرجنتين وحتى انجلترا ليست ببعيدة عن هذا القانون الذى يصنف الجرائم ضد الانسانية على انها جرائم عالمية. والجدير بالذكر ان السنغال رفضت مرارا محاكمة حسين حبري في محاكمها بحجة انها تفتقر الى الموارد اللازمة لاقامة مثل هذه المحاكمة رفيعة المستوى، الا ان بلجيكا أشارت الى ان الرئيس السنغالي الجديد، ماكى سال، تعهد بمحاكمة حسين حبري أمام محاكم بلاده، مادعا ببلجيكا لتقديم عرض لمساعدة داكار في تكلفة المحاكمة.