نشبت خلافات حادة داخل مجلس تشريعي ولاية القضارف في جلسة عاصفة للهيئة البرلمانية، بسبب مطالبة عدد من أعضاء المجلس زيادة مخصصات الأعضاء وتغيير رؤساء المجالس الأربعة ونائب الرئيس..تأتي هذه الخطوة بعد فاتحة دورة انعقاد المجلس السادسة، حيث استنكرت الأوساط السياسية بالولاية خطوة الأعضاء هذه، مشيرين الى ان الولاية في حاجة لمناقشة قضايا أساسية تهم المواطن في الخدمات والتنمية، بعد أن اجتاح الفقر وضرب مناطق عدة بالولاية وليس البحث عن زيادة مخصصات. يبدو أن أعضاء البرلمان اختاروا وقتاً غير مناسب رغم ان البرلمان كان في إجازة استمرت لأكثر من ثلاثة أشهر، في ظل صمت الحزب وأجهزته عن أزمات سياسية واقتصادية تعاني منها الولاية، فيما حملت الأوساط السياسية بالولاية رئيس البرلمان القسط الأكبر من هذه الأزمة لضعف إدارته للجهاز التشريعي، وقالوا إن البرلمان لم يحمل هم المواطن وانحصرت مهامه في الأعمال المجلسية والبروتوكولية فقط. يقول المحامي رمزي يحى أمين الأمانة العدلية للحزب الاتحادي الديمقراطي ان ما حدث في قبة البرلمان أمس الأول كنا نتمناه أن يكون حديثاً عاصفاً وقوياً للمحافظة على حقوق المواطنين دون السعي لزيادة مخصصات الأعضاء ومستحقاتهم، مشيراً إلى ان ما تم يؤكد أن جل أعضاء المجلس هدفهم تغيير المناصب لمزيد من المخصصات، واضاف «الظروف السياسية الحالية أكدت لمواطني الولاية بان السخلة قد تلد غزالة وهو ما يؤكد ما ذهبنا له من قبل وان هؤلاء لا يمثلون نبض الشارع والشعب ولا همومه» وقال يحى ان المجلس صمت متجاهلاً سياسة التقشف وترشيد الصرف التي تمت في كل الولايات ولم تجد طريقها للتنفيذ داخل هذه الولاية. مراقبون يذهبون إلى القول ان صراع قيادات البرلمان حول المناصب والمال يؤكد بان الحديث للجمهور في الهواء الطلق أيام الحملات الانتخابية كان مجرد وعود كاذبة لذر الرماد في العيون، لجهة انهم بدلا من الحديث عن هموم المواطن يبحثون عن فرص لزيادة دخولهم وزيادة مخصصاتهم المالية، وطالب رمزي يحى كل أعضاء المجلس الى تقديم استقالات جماعية لإخفاقهم في تحقيق أمنيات وتطلعات ناخبيهم على حد تعبيره، فيما قال الأمين العام للمؤتمر الشعبي عبد القادر محمود ان أعضاء البرلمان ليسوا مهمومين بقضايا المواطنين ودوائرهم الانتخابية بل انصب جل اهتمامهم بقضايا داخل قبة البرلمان بقضاياهم الذاتية لتوفير سبل العيش واستمتاعهم بالمناصب والمخصصات، وقطع محمود بان ذلك وهو منهج الحزب الحاكم في التكريس لرفاهية قياداته، منوها الى ان هذا سلوك يدمن الفشل ويضعف الالتزام السياسي للقيادة التشريعية في طرح وتبني قضايا المواطنين بالولاية، ودعا محمود في حديثه ل الصحافة إلى ضرورة تقييم سياسات الولاية والجهاز التنفيذي عبر رؤية القوى السياسية بعد الفشل الذي ظل ملازماً لكل مستويات الحكم التنفيذية والتشريعية والسياسية بعد أن عجزت الأجهزة الثلاثة في أداء مسئوليتها تجاه مواطني الولاية لتصبح أولى الولايات المأزومة بصراع المناصب وشخصنة القضايا. فيما ذهب الكاتب الصحفي والمحلل اسياسي الفاتح داؤود الى أن ما يحدث الآن في قبة البرلمان بالقضارف يعبر عن ازمة في الحكم وعن هشاشة المؤسسات الموجودة، وأشار الى ان المجلس التشريعي ولد وهو مأزوم بعد ان حامت الكثير من الشكوك حول طريقة اختيار أعضائه التي لم تخضع لمعايير محددة سوى قربها أو بعدها من القيادات النافذة داخل المؤتمر الوطني، وقال داؤود في حديثه ل الصحافة ان كثيراً من أعضاء المجلس يفتقدون الى أهلية التكليف لعدم الكفاءة وضعف التكوين السياسي والفكري مما أدى إلى ضعف الأداء الرقابي للمجلس الذي لم يتخذ حتى الآن قراراً أو موقفاً يحسب له إزاء كثير من الأزمات التي كان مسرحها الولاية بل وقف مواقف سالبة نسفت الثقة بأعضائه فأصبح مصدر شفقة ورثاء عند أنصاره ومصدر سخرية واستهزاء عند خصومه على حد تعبيره، ونوه داؤود الى ان المجلس ظل بعيداً عن دائرة الانفعال بقضايا الناس حيث لم يتجرأ حتى الآن على فتح كثير من الملفات المرتبطة بالخدمات التي تشهد الآن تردياً ملحوظا وتراجعاً كبيراً بسبب ضعف الدور الرقابي والمحاسبي للمجلس إزاء الأداء الحكومي، وبحسب داؤود «ان اداء المجلس كان شحيحا في سن القوانين والتشريعات التي تساهم في التناغم والتجانس بين مكونات الحكم بتوزيع الأدوار والسلطات والصلاحيات والاختصاصات، وان ما يجري الآن من صراع حول المكاسب الشخصية والمناصب هو تأكيد على عدم أهلية المجلس الذي يعيش صراع السلطة في أسوأ أشكالها بؤساً وهو الصراع حول المصالح الشخصية التي تعبر عن أزمة أخلاقية قبل أن تكون سياسية» واضاف» أعضاء المجلس انساقوا بكل أسف إلى القضايا الذاتية المرتبطة بالمخصصات بدلاً من التصدي لهموم المواطن الذي منحهم شرعية التكليف» .. فيما أكد أحد قيادات الحزب الحاكم البارزة فضل حجب اسمه بأن الحزب لم يوفق في اختيار رئيس الهيئة البرلمانية للمجلس الذي لم يستطيع قيادة الحوار نحو المطلوب وهو عجز عن ذلك مشيراً إلى أن رئيس المجلس عضو معتبر له الحق بالتعليق والإدلاء برأيه وهو ممسك بملفات الأعضاء غير ملمين بها وأكد القيادي البارز في حديثه للصحافة بأن زيادة مخصصات الأعضاء عمل مركزي لا ولائي يوضح استحقاق كل رؤساء اللجان والرئيس وفق منشور مركزي لا يحق لأي عضو المطالبة بالزيادة وهي مراسيم اتحادية وليست ولائية .