مع اقتراب موعد انعقاد المؤتمر العام «للحركة الإسلامية» في نوفمبر المقبل، توالت الإشارات ذات المدلول والمغذى، والتي تبدو انعكاسا لما يدور داخل الغرف المغلقة أو رسائل حول ما سيكون، وبين هذا وذاك تظل التكهنات حول قدرة المؤتمر والمؤتمرين على تجاوز الماضي والالتزام بدستور الحركة الذي لم يجتز او يتجاوز كل المحطات بعد، حاضرة بقوة، ورغم المفاجأة التي فجرها الأمين العام للحركة على عثمان طه وهو يعلن زهده في تولي المنصب مرة أخرى، وهو أمر كان مثار جدل بين «الإسلاميين» لاعتبارات جاء بعضها من باب الالتزام بالدستور والبعض من باب المحافظة على القيادات، مثلما حدث في بعض الولايات التي خرقت الدستور بتجديدها لأمانة الحركة فيها للمرة الثالثة، رغم وجود نص صريح في الدستور يمنع التجديد لأكثر من دورتين، إلا أن ما أورده طه قد يكون نطفة في بحر لج الأطراف، مقارنة بما ينتظر «المؤتمر» من قضايا ومحطات تحتاج إلى مراجعة ومدارسة لكون أن المؤتمر ليس منحصرا في اختيار تبديل القيادة أو إحلالها أو التجديد لها، وإنما هناك نقاط كثيرة يعتبرها البعض «عالقة» في دستور الحركة المجاز من قبل شوراها تحتاج إلى نقاش مستفيض لاعتمادها أو رفضها حسبما يتفق، وهذا كله يجب بالضرورة أن يأتي من باب «الشورى» وهذا هو المحك بحسب المراقبين الذين ابدوا تخوفا من عدم انتهاج ذلك داخل مؤسسات «الكيان» مما قد ينسحب على المؤتمر وقيمته المضافة، وليس بعيدا عن ذلك أوردت صحف الأمس خبرا مفاده أن تجاوزا وقع داخل الحركة بولاية الخرطوم، تمثل في «اجتماع قيادات تحت مسمى مجلس تنسيق الحركة وقرروا اختيار صديق عويشة رئيسا لمجلس شورى الحركة وعبد القادر محمد زين أمينا عاما لها بالولاية»، هو أمر وفقا للخبر اغضب رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر بروفيسور إبراهيم أحمد عمر الذي بعث برسائل لعدد من القيادات اعتبر فيها الخطوة باطلة ومخالفة للشورى التي تسعى الحركة لترسيخها، ويعمل ضد وحدة الصف المنشودة»، فإبراهيم هذا يعتبر من أكثر القيادات تشددا في مسألة الشورى وأكثرهم توجيها للنقد داخل الكيان وفي الحسبان الأسئلة العشرة التي دفع بها الرجل سابقا. ويبدو أن الخطوة وان كانت متوقعه لبعض المراقبين انطلاقا من الفهم المتداول بعدم وجود شورى حقيقة داخل كيان الحركة وهو تعبير أقرته بعض القيادات داخل «الكيان» على رأسهم رئيس مجلس شورى المؤتمر الوطني د. مجذوب ابوعلي عندما قال في تصريحات سابقة «لا توجد شورى في مجلس الشورى»، مع ان دستور الحركة «اعتمد نهج الشورى في مستوياتها كافة في إطار اللوائح المفصلة له»، بيد ان مدير جامعة إفريقيا العالمية القيادي الإسلامي بروفيسور حسن مكي يقول ل(الصحافة) أمس «أن هذا العام في تاريخ الحركة الإسلامية توجد فيه شفافية وتبادل واسع للرأي سواء داخل القنوات الرسمية او خارجها، وهذا من مطلوبات التعامل والمدافعة والأمر بالمعروف ومطلوبات تجديد بناء الحركة الإسلامية لذلك لا غضاضة بما يحدث داخل القنوات أو خارجه» ويعتقد مكي بان الشورى الحقيقة ستكون موجودة في المؤتمر القادم نسبة لوجود وعي الآن أصبحت الناس تتحرك فيه بروح من الندية، بخلاف الفترات السابقة التي كانت فيها الطاعة مقدمة على الوعي». غير أن البعض يرى بان الأمر يستوجب الوقوف عنده بغية مراجعة جوانب كثيرة ربما وقفت عثرة أمام المؤتمرين في نوفمبر المقبل، أبرزها عملية إعادة الهيكلة وتحديد المسميات والصلاحيات داخل كيان الحركة الذي يوجد اتجاه عام يرى بضرورة بناء جسم قوي يضطلع بدوره وفقا لإطار محدد، كما يدفع آخرون بضرورة الفصل بين «الحركة والحزب والدولة» في المرحلة المقبلة، وان كان الدستور عرف الحركة بأنها جسم سياسي دعوي، وأعطاها الحق في إنشاء أجهزة أخرى ومؤسسات او المشاركة فيها مع الحفاظ على استقلاليتها في إطار المهام الموصوفة بالنظم واللوائح»، لكنه -الدستور- وضع أربعة مستويات في هيكلة الحركة حددها في» المؤتمر العام، مجلس الشورى القومي، القيادة العليا، الأمانة العامة» ووفقا للمعطيات ان المستوى الثالث في الهيكلة والمسمى بالقيادة العليا وان كان موجودا في السابق الا انه غير مقنن دستوريا مما افقده أهميته ولكن بحسب متابعين ان تقنين هذا الجهاز يعطي عدة إشارات ابرزها ان الامور تدفع في اتجاه تقليص دور الأمانة سيما اذا أخذنا في الاعتبار ان من ضمن مهام هذا الجسم «القيام بالمراقبة والربط وتكامل الأدوار بين اجهزة الحركة» وفي هذا وفقا لمراقبين يمكن قراءة رسائل طه سالفة الذكر التي أعلن فيها عدم ترشحه للأمانة، سيما وان الرجل قال بانه لن يترشح لذات المنصب مما يضع احتمالية ان يكون طه رئيسا للقيادة العليا التي ربما ستكون بمثابة «مجلس شيوخ الحركة التي اشار طه الى أن مهمته تتجلى في تقديم النصح و المشورة»، وهنا يقول مدير مركز دراسات الشرق الأوسط القيادي الإسلامي د.ربيع حسن احمد ان القيادة العليا كانت موجودة داخل الحركة ولكن ليس لها وضع دستوري في السابق والآن أخذت هذا الوضع لكن صلاحياتها ستخضع الى نقاش في المؤتمر العام القادم، ويشير ربيع في حديث ل(الصحافة) الى أن بعض الأشخاص لم يسمهم داخل كيان الحركة يرشحون قائمة محددة ويحاولون إقناع الآخرين بها، وأضاف»لكن هذه المسألة اذا جاءت من القيادة فهذا أمر غير مقبول»