عرفت الشخصية السودانية بل تميزت عن سائر الشعوب العربية، بالشهامة والشجاعة والمروءة والنجدة وحماية الجار وكرامة الآخرين، وغيرها من القيم والاخلاق النبيلة المتصلة والمستمدة من ديننا الحنيف، ولذلك كان السوداني يحظى باحترام في أغلب دول العالم. ولكن للأسف الشديد ضاعت هذه القيم، بل اختلط الحابل بالنابل، وبعد أن كنا نرى الشاب يدافع عن جارته وعرضها، فهو اليوم يحاول غزو بيت الجيران بكل الطرق، وهناك صراعات نراها اليوم داخل البيت الواحد قد تكون حول الميراث، وقد تكون حول قسمة الثروة والسلطة التي ورثناها من اتفاقيات السلام التي جلبت الخراب للبلاد والعباد. وبعدما ضاعت ثقافة «العيب» من مجتمعنا ضاع كل شيء جميل، فكان السوداني يخدم أخاه السوداني من غير مقابل ولا ينتظر كلمة شكراً، أما اليوم فحدث ولا حرج، فقد حلت الماديات في كل شيء، واذا كان وضعك المالي مثل وضع وزارة علي محمود فتأكد من أنك لا تستطيع إنجاز أي عمل مهما كان حجمه. وفي السابق كان المغترب السوداني عندما يرى سودانياً في أي مكان يفرح فرحاً شديداً ويتعرف عليه، وربما تصبح علاقة ممتدة، اما اليوم فاصبح السوداني عندما يقابل أخاه السوداني بالصدفة يتفادى حتى السلام عليه ناهيك عن أي شيء آخر، فماذا حلَّ بهذا الشعب الذي كان كريماً؟وهل ضاعت قيمنا النبيلة من غير رجعة؟فوا أسفي على أمة كانت رائدة!! وحلت الظواهر السالبة وطغت على منظومة القيم السودانية، مثل الذي يكذب والذي يسرق ومن يرتشي وغيرها، والحكومة وأجهزتها المختصة لا تحرك ساكناً بالرغم من أنها السبب، وبلا شك كل ما وصلنا اليه من تردٍ يرجع للأوضاع الاقتصادية المنهارة بالبلاد، وكل يوم تزداد الاوضاع سوءاً، ومع الأزمة المالية والشح في النقد الاجنبي الذي تعتمد عليه البلد في استيراد كل صغيرة وكبيرة، يصر المؤتمر الوطني على «علي محمود» وزيراً للمالية.. ومع ازدياد حدة الفقر والجوع في ارض النيلين مازال المتعافي وزيراً للزراعة وأي زراعة !! ومشروع الجزيرة في طريقة الى الزوال، والجراد يقضي على الولاية الشمالية والوزير وأركان حربه يتفرجون وربما بشيء من المتعة ! والبلد كل والٍ فيها يتصرف في مقدرات ولايته كأنها ميراث أبيه. فمتى يفيق مسؤولونا وساستنا من هذه الغيبوبة التي طالت وأعيت هذا الشعب المغلوب على أمره سواء أكان في الداخل أو الخارج، وفي الحالتين الشعب ضائع!! وإذا اندثرت هذه القيم وهي في طريقها إلى ذلك، فلن يبقى لنا شيء نعتز بل ونحتمي به، وحينها سيصدق فينا قول أمير الشعراء أحمد شوقي: إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا [email protected]