الخرطوم: الصحافة: اعلنت الهيئة العامة للارصاد الجوية ان خريف هذا العام يتوقع له ان يشهد ارتفاعا مطردا في معدلات الامطار، منا يتطلب من الاجهزة المختصة في المركز والولايات التحوط باكرا لمواجة متطلبات الموقف، خاصة الدفاع المدني الذي تقع عليه مسؤولية توفير متطلبات الفيضانات والسيول، كما يتطلب الامر من المواطنين توخي الحيطة والحذر. الموروث الثقافي السوداني مليء وثر جداً بالمفردات التي يتم تداولها في الخريف، ولعل اهل البادية والريف اكثر تدوالا لمفردات الخريف، بدءاً بعينه وبروقه وابرز حشائش البادية.. وفي هذه المساحة من «الصحافة» نقف مع ابرز ملامح هذا الزائر الذي كانت بشرياته تبدأ مع مقدم السمبر الذي يحمل بشريات قدوم الخريف، والاسد هو خلاصة اسماء عينات الخريف، واذا كانت فصول السنة في السودان ثلاثة وليست اربعة فإن الخريف هو ابرز المواسم، وبه تبدأ وتنتهي الحياة، وبلغ الخريف مكاناً عظيماً في الموروث الشعبي، لدرجة ان الذاكرة الشفاهية قسمته لمراحل او ما يعرف بالعينات. وأولى التجليات في الخريف أن البدوي في الريف السوداني تخيل ان شكل ومراحل الخريف عبارة عن أسد، ولأن الاسد كان الى فترة قريبة يجوب سهول السودان الوسطى فقد اعجب به الانسان البسيط، لأنه يمثل له القوة في شكل هيبة الاسد، والحق ان الاسد لا يقتل الا اذا جاع، وبناءً على ذلك قسمت مراحل وفترات الخريف على بعض اعضاء وتصرفات الاسد وكل عينة مدتها «13» يوماً. ويبدأ الخريف من ناحية اسمية بنزول الثريا يوم 17 مايو، وتسبق الخريف عينتا العصا العطشانة، وتبدأ يوم «13» يونيو وتنتهي يوم «25» يونيو، وتتميز العصا العطشانة بكثرة الكتاحة التي تعرف بالسفاية، وتحول اتجاه الرياح من الشمال الشرقي الى الجنوب الغربي. وعينة العصا الرويانة وتبدأ «26» يونيو الى «8» يوليو، ويكون فيها الجو معتدلاً وبارداً، وفيها تنتهي رغبة الانسان في شرب الماء الكثير. وبعدها يبدأ الخريف بعينة الضراع، وهنا تمثل ذراع الأسد لأنها اقوى ما يواجه الأسد به الطرائد. ويبدأ الضراع من «7» يوليو الى يوم «21» يوليو، ويقال عنه إنه صح خريف وإن بطل صيف. وتأتي بعد ذلك عينة النترة من يوم «22 يوليو» إلى «3 أغسطس»، والنترة هي زئير الاسد المخيف الذي يسمع على مدى عدة كيلومترات، وتتميز النترة بنمو الحشائش والشجيرات وظهور حشرات الخريف، ثم بعد ذلك عينة الطرفة من «4 أغسطس» إلى «17» أغسطس. والطرفة هي عين الأسد التي ترصد نهاراً وليلاً، وتسمى الطرفة النداية لكثرة الندى على اوراق الاشجار، ثم تأتي عينة الجبهة من «18» أغسطس إلى «31» أغسطس، وهي جبهة الاسد التي تعطيه الهيبة، وهي ذروة الخريف والمطر الثقيل. وتأتي بعد ذلك عينة الخرسان من أول سبتمبر« إلى «13» سبتمبر، والخرسان هو منتصف رأس الأسد، وهو ما يظهر من الاسد عند سيره بين الحشائش، مما يثير الذعر عند فرائسه وتتجمد من الخوف مما يسهل افتراسها، وفيها يندر المطر، واذا نزل المطر يكون شديداً يتخلله الرعد المدوى والبرق اللامع، ثم تأتي العوا من «14» سبتمبر إلى «27» سبتمبر، ويكثر في العوا الرعد، ثم عينة السماك من «28» سبتمبر إلى «10» أكتوبر. ويقال عن عينتي العوا والسماك «يا مطر كفاك ويا سماء امسكي ماك». وأهم عين الخريف هى العين الكبار «النترة والطرفة والجبهة» التى تتوسط الخريف. ولأن عينات الخريف هي عبارة عن مراحل وأزمان، فإن هناك مواقيت للطيور المهاجرة ترافق عينات الخريف، ومن أشهر الطيور التي تأتي في الخريف اللقلق ويعرف باسم السمبر. ويقال عن السمبر إنه بشارة الخريف وقدومه، وهناك اللقلق الأبيض أو ما يعرف بأم بيوض وأبو مركوب وأبو سعن وقدوم أحمر وطير الجنَّة والهدهد والحبارى والسمان، ويعرف هنا باسم الفرِّة. وأبرز البروق القبلي الذي يبدأ في الصعود من ناحية القبلة، ويسمي ايضا بمربط العجيل، ومطر القبلي وفق موروث اهل البادية بأنه مضمون، وهناك بروق العبادي، البطحاني، وهي صادقة الوعد ونادراً ما تخيب الظن. أما برق الصعيد فيتميز ببريقه الأخاذ، ويأتي بالبرد والزيفة المسماة ايضاً ب «القرة» الشديدة، كما تسمى مطرته ب «الشعفوفة» التي تلحق الأضرار بالمنازل والأنعام.