سافر الى واشنطن للمشاركة في اجتماعات الربيع للصندوق والبنك الدوليين كلٌ من وزير المالية بدر الدين محمود، ومحافظ البنك المركزي عبد الرحمن حسن، ما المنتظر من هذه الاجتماعات وبهذه المشاركة عالية المستوى؟ أسس الصندوق والبنك الدولي في يوليو 1944 ببريتون وودز بنيوهامبشير بالولاياتالمتحدة. الهدف الأساسي للمؤسستين تحقيق النمو الاقتصادي واستدامته وتجنب النكسات الكبيرة مثل الكساد الكبير(1929). يتخصص الصندوق في تشجيع التعاون الاقتصادي الدولي، وتقديم المشورة بشأن السياسات الاقتصادية، ومنح القروض المؤقتة، وتقديم المساعدات الفنية، ورعاية قابلية تحويل العملات، والنشاط التجاري متعدد الأطراف، والحماية من الوقوع في هوة الانغلاق والحمائية. يبلغ عدد أعضاء الصندوق في الوقت الحالي 185عضوا أي أقل من الأممالمتحدة بسبعة أعضاء ويرجع هذا الى عدم انضمام كوبا وكوريا الشمالية وخمسة بلدان أخرى بالغة الصغر. وآخر دولة انضمت هي دولة جنوب السودان. لكل بلد عضو 250 صوتا أساسيا علاوة على صوت إضافي لكل مقدار من الحصص تعادل قيمته 100000 وحدة حقوق سحب خاصة. أكبر الحصص هي للولايات المتحدة واليابان وألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة وتعطيها حصتها الحق في تعيين مديرين ممثلين لها. وهناك دول ثلاث هي الصينوروسيا والسعودية لها حصص كبيرة تمكنها من انتخاب مديرين تنفيذيين. أما سائر البلدان وعددها 176 دولة فهي مقسمة الى 16 دائرة انتخابية تنتخب كل منها مديرا تنفيذيا لتمثيلها، وتتألف الدوائر الانتخابية من بلدان لها مصالح متشابهة كالبلدان الافريقية الناطقة بالفرنسية، أو دول الكمنولث. في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي كانت علاقات السودان جيدة مع الصندوق وقام الصندوق بتقديم عدد من القروض وشجع دول ومؤسسات أخرى على اقراض السودان. وقد استجاب السودان وقتها لعدد من توصيات الصندوق من بينها تخفيض سعر صرف الجنيه السوداني. وفي 1987 واستجابة لتوصية من الصندوق تم رفع الدعم عن سلعة السكر فحدثت ثورة شعبية أدت للتراجع عن القرار. في بداية التسعينيات من القرن الماضي جمد الصندوق علاقاته مع السودان وعلق عضويته. يدعي الصندوق أن الأسباب فنية تعود لعدم تعاون السودان مع الصندوق وتوقفه عن سداد مستحقات الديون. غير أن الأسباب الحقيقية سياسية تعود لموقف الولاياتالمتحدة والدول الغربية عموما من الأوضاع السياسية في السودان حيث اُستخدم الصندوق كأداة من أدوات الحصار الاقتصادي. ابتداءً من العام 1998 بدأ السودان في استعادة علاقاته تدريجيا مع الصندوق. وحالياً يقدم الصندوق المعونة الفنية والتدريب ويمارس الرقابة بموجب اتفاقية خاصة مع حكومة السودان تستند للمادة الرابعة من اتفاقية الصندوق. الهدف الأساسي لمشاركة المسئولين السودانيين الراتبة في الاجتماعات هو الحصول على موافقة المجتمع الدولي على إدراج السودان في مبادرة إعفاء الديون (هايبك) المخصصة للدول الأقل نموا المثقلة بالديون. فضلاً عن الحصول على عدم ممانعة الصندوق في الحصول على قروض للدولة او للقطاع الخاص السوداني من الدول والمؤسسات المالية التي تشترط عدم ممانعة الصندوق. بما في ذلك الحصول على ائتمان الصادرات ومنتجات سوق التأمين الدولي الأخرى. في ظل عداء الولاياتالمتحدة الحالي للسودان وفرضها للحظر الاقتصادي عليه نرى عدم التعويل على هذه المؤسسات والاستعاضة عنها بالتعاون مع دول ما يسمى ب (BRICS) وهي على الترتيب حسب التسمية: البرازيل، روسيا، الهند، الصين، جنوب أفريقيا. هذه الاقتصادات الناشئة لها فوائض مالية ضخمة ورغبة كبيرة في الاستثمار في الموارد الاولية لتغطية حاجاتها الزائدة في الطاقة والغذاء والمعادن الرئيسية. وهي تخطط لنظام اقتصادي عالمي جديد بديل لنظام مؤسسات برايتون وودز (البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وأشقاءهما) الذي تسيطر عليه الولاياتالمتحدة. نجح السودان نسبياً في تخفيف آثار الحصار الاقتصادي عليه من خلال التعامل مع هذه الدول وجذب مجموعة من شركاتها الكبرى للعمل في السودان مثل CNPC الصينية في مجال النفط، وبروم الروسية في مجال المعادن، و INPC الهندية في مجال النفط، ولا سبيل أمامنا غير الاستمرار في هذا النهج. والله الموفق. د/ عادل عبد العزيز الفكي هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته