في وقت سابق أشرت في هذه الزاوية إلى ضرورة رعاية الدولة لعلاقتنا مع الصين لأن الصين لا تعني شراكة في قطاع النفط وبعد أن ذهب النفط تذهب معه الصين، قلت ذلك لأن فتوراً اعترى هذه العلاقة بعد الانفصال ولأن بعض الشركات الصينية لاقت تعسفاً من بعض الجهات التنفيذية خاصة في الإدارة المالية، على أن تغييرا نحو الأفضل برز مؤخراً خاصة مع قيادة د. مصطفى عثمان إسماعيل ملف الاستثمار فلاحظنا حراكاً قوياً مع عدد من الجهات الخارجية كان على رأسها الصين، ونتيجة لذلك الحراك أبدت عدة شركات رغبة حقيقية في الاستثمار الزراعي ووقع عدد من العقود والاتفاقات، ثم كان قرار بكين بتأجيل دفع قروض سابقة حان سدادها فقدرت الحكومة الصينية الظروف الاقتصادية للسودان بل ذهبت أكثر من ذلك بمنح السودان المزيد، بعض الصحف قالت إن الصين أقرضت السودان "200" مليون دولار وأخرى أكدت أن المبلغ "200"مليون يوان لمشروعات تنموية بالبلاد، ورغم الفارق الكبير بين الدولار واليوان الصيني فخطأ الأرقام عندنا في الصحافة أصبح شيئا لا يثير الدهشة، سواءً كان المبلغ دولارا أو يوانا فلا فرق في الهدف الأساس وهو استمرار وقوف الصين مع السودان، المطلوب من حكومتنا دفع آليات التعاون الاقتصادي سواء عبر اللجان الوزارية أو العلاقات الثنائية لكن المطلوب مظلة تحمي تلك الآلية، مظلة تحظى بالدعم السياسي من رئاسة الجمهورية أو من القيادات السياسية العليا. كثيراً ما واجهت مثل هذه العلاقات تشوهات معروفة في بنية الاستثمار وتعقيدات داخل الأجهزة التنفيذية بسبب البيروقراطية وبطء الإجراءات وعمليات الابتزاز والرشوة والمحسوبية التي أشار لها عدد من الجهات في وزارة الاستثمار وأيضاً من أعضاء في البرلمان.. تشوهات أعلنت ولم تجد رد الفعل المناسب تجاهها لا بالتأكيد ولا بالنفي ولا حتى ظهرت جهة رسمية واحدة تعلن فتح تحقيق فيما أثاره نافذون تجاه ما قيل حول الاستثمار الأجنبي ومواجهته لتلك الفظائع. في الزيارة الأخيرة للوفد الرسمي الصيني بحث وزير المالية مع رئيس بنك التصدير والاستيراد الصيني المعوقات التي تعترض سير المشروعات الممولة من القرض الصيني، أعتقد أنها خطوة جيدة خاصة أن تنفيذ هذا القرض الذي يصل إلى ثلاثة مليارات دولار واجهه كثير من المشاكل من جانب إداراتنا التنفيذية خاصة أن هدف القرض زيادة الصادرات غير البترولية وبعض مشروعات البنى التحتية، لكن ظهرت المشاكل مع اعتراض بعض الجهات الإيرادية فأصبح الأمر كمن أرادوا أن "يعاونوه في قبر أبوه فدس المحافير". علينا أن نحافظ على الشراكة مع الصين، لتكون شراكة اقتصادية دائمة وليست فقط للخروج من أزمة مؤقتة بالأمس وقعت الصين مع المملكة السعودية اتفاقيات شراكة في عدد من المجالات. فإذا كانت السعودية الشريك العربي القوي لأمريكا اقتصادياً تدخل مع الصين في اتفاقيات اقتصادية بنحو 17 مليار دولار فما شأن السودان الذي لن يجد أمامه أقوى من الصين في ظروفه الحالية.