:: وتقول الطرفة، إن المهندس كان يتصل بالمغترب الذي كلفه ببناء منزله ويلاحقه شهرياً: (يا حاج رسل خمسين مليون، خلاص حفرنا ليك الساس).. ثم في الشهر التالي: (يا عمنا حوِّل مية مليون، خلي الشغل يمشي).. ثم قبل نهاية الشهر: (يا عمنا بالله أجدعنا بخمسين مليون، عشان ننزل المواد)، وهكذا.. إلى أن اتصل به ذات يوم، وقبل أن يطلب، سأله المغترب: (يا أخوي كدي خليني من طلباتك دي، البيت دا وصل وين؟).. فأجابه: (والله بيتك ماشي كويس، يعني زي مترين كده ونصل بيم العرش إن شاء الله)، وما كان منه إلا أن يباغته: (خلاص أعرش على كده)!! :: ويبدو أن مفوضية الانتخابات، مساء اليوم، لم تعد تملك من الحلول لصناديق الاقتراع غير أنها (تعرِش على كده).. نعم، فالقانون - وربما صاغوه لمثل هذا اليوم المضاف إليه بالمده الظاهرة في آخرها - لم يُلزم المفوضية والحكومة والأحزاب بنصاب بحيث يكون هذا النصاب (بيم العرش)، بل ترك الأمر بلا نصاب أو يحزنون، ربما تحسباً لمثال هذا الحال القائل: (خلاص أعرش على كده).. وكما قال الفريق الهادي محمد أحمد، نائب رئيس المفوضية، فالمفوضية غير مسؤولة عن (حجم الإقبال)، كثيفاً كان أو هزيلاً. :: ومع ذلك، أي رغم حجم الإقبال الذي كان دون مستوى الدورة الانتخابية الفائتة، فالمفوضية أيضاً - بعدم جاهزيتها - ساهمت في مدة فترة الاقتراع إلى يومنا هذا.. والغريب في الأمر أن البروف مختار الأصم، رئيس المفوضية، كان أكثر أهل السودان إلحاحاً بأن تُجرى الانتخابات في هذا الموعد، ومع ذلك كشفت ولاية الجزيرة ومناطق أخرى عدم جاهزية (مفوضيته) بولاية الجزيرة التي تبعد عن مقر المفوضية (فركة كعب). لم تصل بطاقات الاقتراع إلى مراكز الاقتراع - مكتملة - في موعد الاقتراع.. ومع ذلك، لم يحاسبوا أحداً إلى يومنا هذا، وبالتأكيد ( لن يحاسبوه). :: وهكذا الحال بولاية سنار أيضاً، إذ بدأت عمليات الاقتراع في بعض مراكزها قبيل المغرب بثلاث ساعات، لأن بطاقات الاقتراع لم تصل إلى تلك المراكز في موعدها.. لم تصل في الموعد، ليس من جنوب أفريقيا بل من الخرطوم.. وعليه، إن كان هذا حال المفوضية بمراكز ولايتي الجزيرة وسنار، فالله يعلم ما حدث بمراكز الولايات المسماة بالطرفية والبعيدة عن (عيون الصحافة)، ولا ندري لماذا كان البروف الأصم يلح - إلحاحاً - على هذا الموعد وهو الذي لم يُكمل عبر المفوضية حتى مجرد توزيع بطاقات الاقتراع للناخبين في مراكزهم؟.. هو أحد المسؤولين عما يحدث. :: ثم السجل الانتخابي المعد منذ انتخابات ما بعد نيفاشا، والمضاف إليه قبل أشهر أيضاً، لا يزال من أبرز ثغرات (المفوضية).. سقطت أسماء من هذا السجل، بمن فيهم بعض المرشحين، فمن المسؤول غير إدارة عاجزة عن الاستفادة من تكنولوجيا الحوسبة؟.. فالعالم من حولنا، تجاوز الدفاتر والأوراق - واسمي سقط - بالسجلات الإلكترونية، وأن يقصد المواطن مركز الاقتراع ويهدر الزمن في البحث عن اسمه ورقمه الانتخابي صار من مخلفات القرن الماضي بفضل (السجل الإلكتروني).. لا ينقصكم المال، ولكن الإرادة.. ولذلك، لن يبارح الحال العام محطة: (ياخ أعرش على كده).