الإقرار بفشل الحكم الاتحادي سبق به رئيس البرلمان الدكتور الفاتح عز الدين , بروفيسور الأمين دفع الله في زمن فائت . و أنا انتقدت الحكم الاتحادي هذا في الصحف والصالونات والمنابر مراراً وتكراراً , و أسميته حكم ( قراقوش ) ! أقر الفاتح عز الدين بذلك في الجلسة التي شرفها السيد رئيس الجمهورية خاتمة الإسبوع المنصرم . وكذلك رئيس الجمهورية أسوأ ما في الحكم الاتحادي أنه أسس للعنصرية والقبلية , فأصبح الولاة والوزراء من ذات القبائل فاستحال السودان من دولة قوية موحدة إلى دويلات قبلية . ومن مآسي الحكم الاتحادي ضربه لقاعدة التعليم الأساس .. أرسل بروف الحبر نور الدائم رئيس لجنة التعليم بالبرلمان رجاله في ورش عمل إلى الولايات فجاء للبرلمان بتقرير مأساوي . قال لي الحبر نور الدائم شخصياً كما أسلفت من قبل : الولايات ضربت قاعدة التعليم الأساس فلا مدارس ولا إجلاس ولا كتب ولا معلمين ولا رواتب و أن مهنة التعليم أصبحت مهنة من لا مهنة له ! . وأمنت على كلامه لجنة التعليم بالبرلمان التي حضرتُ وسمعتُ مخرجاتها تحت قبة البرلمان بدعوة كريمة .. تصوروا الحكم الاتحادي يهدم بناة السودان شباب المستقبل وعماد الوطن ويقتلهم في مهدهم فماذا تبقى له ليمنحه لشعبنا الحكم الاتحادي بالله عليكم ؟ في الولاياتالمتحدة يصبح أوباما الأمريكي بالتجنس رئيساً أسودا لهذه الدولة العظمى قادماً من كينيا السوداء ! في الأرجنتين كان منعم كارلوس ذو الأصول اللبنانية رئيساً للأرجنتين .. في هولندا قالت لي السفيرة الهولندية في منزلها بالخرطوم الإسبوع المنصرم بحضور ثلة قليلة من الإعلاميين والناشطين في لقاء يُعنى بمعارض تقيمها هولندا للإرث العربي و الإسلامي في المخطوطات الهائلة التي تحفظها هولندا بأعلى مستوى تقني وتقوم بعرضها في عدد من الدول من بينها السودان , قالت لي في إجابة لسؤال عن مكافحة التمايز العرقي في بلادها : أن عمدة المنطقة الفلانية في هولندا مغربي الجنسية .. كتبت قبل ذلك عن نائبة صومالية في البرلمان الهولندي تدعى ( حرزي ) أساءت للدين الإسلامي واتضح أنها حصلت على الجنسية بطرق ملتوية فنزعت منها الجنسية وهامت على وجهها . . في الولاياتالمتحدة أمريكيون بالتجنس من أصول أجنبية في مجلسي الشيوخ والنواب .. في مجلس العموم البريطاني نفس الشئ .. في الكنيست الإسرائيلي نواب عرب . في لندن يقاوم رجل الأعمال المصري الجنسية الشهير محمد الفايدي صاحب محلات ( هارودز ) الشهير الكائن بشارع ( هارلي ) الحكومة البريطانية بحالها ويتهم بعض وزراءها بالرشوة والفساد ! لكن الحكم الاتحادي عندنا يفعل بشعب السودان عكس ذلك تماماً فقد كرس للجهوية والعنصرية وأشعل الحروب والنزاعات في ما بيننا . الحكم الاتحادي هو من أرخى قبضة المركز , وأحكم قبضة الولاة فأصبح الواحد منهم رئيس جمهورية قائم بذاته في ولايته يتم كسر حتى قرارات الرئيس الفعلي لجمهورية السودان المشير عمر البشير و ذلك من أصغر موظف بالمحلية بلائحة أو قرار من المجلس التشريعي ! السيد الرئيس أشار في خطابه الأخير في البرلمان إلى هذا الخلل الخطير الذي انعكس حتى على معاش الناس وصحتهم وأمنهم هناك . في ولاية الخرطوم هبت قيادات الشرطة في وجه الوالي السابق عبد الحليم المتعافي الذي صادق على قانون الشرطة الولائي لأنه يتعارض مع قانون الشرطة القومي .. قانون المرور الولائي تسبب هو الآخر في إشكالات عديدة بسبب الإزدواجية والتعارض مع القانون العام . في مدينة أبو حمد يقول وزير الدولة بالداخلية في برنامج ( رفع الستار ) الذي تقدمه الإعلامية ( أم وضاح ) بقناة الخرطوم الفضائية في إجابة له على سؤال مباشر من عندي شخصيا يقول : إن وزارة الداخلية لا تتدخل في عمل الشرطة الولائي وكنت قد سألته عن أسباب تفشي الجريمة والمخدرات والدعارة في منطقة أبو حمد بسبب الوجود الأجنبي تبعا للتنقيب عن الذهب وفق المعتمد ومواطنو المنطقة فقد قال لي المعتمد إن وزارة الداخلية تلقوا من عندها تعليمات بعدم التعرض لهذه الجنسية الوافدة من إحدى دول الجوار الأفريقي إلا في حالة ارتكاب جرم عدا ذلك فهي حرة طليقة . الوزير قذف بالكرة في ملعب الولاية فإذن فهذا هو الحكم الاتحادي ضرب ويضرب حتى الناس في أمنهم العام والشخصي في الولايات والعاصمة . ما رشح في الجلسة البرلمانية التي شرفها السيد الرئيس هو أن الولاة سوف يتم اختيارهم بالتعيين هذه المرة وأن الناس تطالب بأن لا يتم تعيين الوالي من نفس منطقته , وأنا مع ذلك تماماً لأن العالم كله يذوب الآن في بعضه البعض ويلغي الحدود في ما بينه أرضا و بحرا وجوا عبر الفضاءات المفتوحة ونحن في السودان نتفرق شذر مذر ! لا يمكن أن يكون أحمد هارون والياً لشمال كردفان لأنه من هناك مثلا ولا والي جنوب كردفان , ولا والي شمال دارفور محمد عثمان كبر لأنه من هناك ولا عبد الحميد كاشا ولا محمد طاهر إيلا لأنه من البحر الأحمر ولا محمد يوسف علي لأنه من الجزيرة ولا عبد الرحمن الخضر لأنه جاء والياً للخرطوم من وزارة الزراعة بالشمالية على ذات الامتداد الجغرافي . الآن قد يأتي دكتور فيصل حسن إبراهيم واليا للخرطوم وهو من كردفان ويذهب عبد الرحمن الخضر إن أصبح واليا إلى كردفان وهو من الشمالية ويصبح محمد طاهر إيلا والياً لولاية ( سقط لقط ) قادما لها من ولاية البحر الأحمر منبت جذوره ! .. و ( سقط لقط ) هذه اسم ولاية من مخيلتي أطلقته على منطقة ( أبيي ) المتنازع عليها بين الشمال والجنوب بعد أن تستقر في حضن الوطن . بل فليذهب كل الولاة الحاليين ونشهد وجوها جديدة ( تفك عارض السودان و أهله ) الذي أصاب الوطن والناس كما تقول ( ستات الودع ) والفكي ( شعيب ) .. و ( شمهروش ) !